الكلمة الخامسة عشر ، قوله عليه السلام : لا اجتِنابَ من محرّمٍ مع حِرصٍ
«الاجتناب» افتعال بمعنى الاحتراز ؛ و «الحِرص» بكسر الحاء : ملكة تحدث في النفس باعتبار طول الآمال ، مانعة من إخراج ما يتعلّق بالأموال من حقوق اللّه تعالى و إعطائها غيره ، و يقال لصاحبها الحريص .
و المعنى : إنّ الحريص لايمكنه أن يجتنب من المحرّمات لحرصه ، و من لايمكنه الاجتناب منها وجب له النار ، فينبغي أن ينظر العاقل إلى مضرّة هذه الصفة الخسيسة و يحذرها كلّ الحذر ؛ فإنّ الحرص على جمع المال و عدم إنفاق ما يجب ۱ و يليق منه بأهله ، سبب انحراف القلوب و كثرة الأعداء في الدنيا ، و مورث حرمان الثواب في الآخرة .
الكلمة السادسة عشر ، قوله عليه السلام : لا راحةَ مع الحَسَدِ
«الراحة» كالساعة ، ضدّ التعب ؛ و «الحَسَد» بفتح أوّله و ثانيه ، تمنّي زوال نعمة المحسود و انتقالها إلى الحاسد أو الأعم ۲ ، فامتاز عن الغبطة ؛ لأنّها تمنّي نعمة على أن لاتتحوّل عن صاحبها ، و الأوّل مذموم شرعا دون الثاني . فأشار ـ عليه الصلاة و السلام ـ إلى المفسدة العظيمة المترتبة على الحسد للحسّاد ـ زيادة عن كونهم مذموما ـ و هي التعب الدائم الحاصل لأرواح الحسّاد و أجسادهم .
و سبب دوامه : أنّهم كلّما شاهدوا رفاه حال المحسود و كونه في نعمة و دولة ، حصل لهم حزن طويل و تزلزل عظيم ، و يمنعهم من أداء العبادات .
1.«ما يجب» اشاره به حقوق واجبه ماليات است ، مثل زكات و خمس و غير آن و «يليق» اشاره به حقوق مستحبّه است ، مثل حق ماعون و اعطاء سائل .منه
2.«أو الأعمّ» اشاره به اين است كه حسد آرزو كردن بر طرف شدن نعمت محسود است ، خواه به حاسد منتقل شود و خواه نشود .منه