كاشف النكات في شرح الكلمات - صفحه 291

فذكر اللسان مجاز مرسل عن الكلام ، تسمية للحال باسم المحلّ ، و يحتمل أن يكون كناية عنه ، ذكرا للملزوم و إرادة اللازم .
و لايخفى احتمال هذين الوجهين في المبتدأ ، فيكون مجازا في الحذف من باب قوله تعالى : «وَ سْـ?لِ الْقَرْيَةَ »۱ حُذف المضاف ، و اُنيب المضاف إليه منابه ، و اُعرب بإعرابه ، ففيه تعريف بليغ للكلام و البيان . و كفى شهيدا عليه سورة الرحمن ، فإنّ أفضل النعم المنعم [بها] على الإنسان هي نعمة التكلّم و الكلام و البيان ؛ لأنّ عليه مدار الكفر و الإيمان ، و به يُعتبر توحيد الرجل لمعبوده الملك المنّان ، و به يُمتحن السرائر ، و به يُقرأ ما كتب في الدفاتر ، و به يتمّ الحمد و الشكر و الثناء ، و بنطقه بالدعاء تدفع البلاء ، و به يطلب الرزق من السماء .
فائدة : فإن قلت : هل السكوت خير أم الكلام؟ قلت : ثلاثة أقوال بين الأنام : فقائل بخيريّة الأوّل بدليل قوله تعالى في قصّة مريم عليهاالسلام : «إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَـنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا »۲ . و بما يرجّحه على الكلام من ملاحظة المضارّ فيه ؛ فإنّ به يحصل الذنب على الكذب و الغيبة و النميمة و الشتم و الافتراء والبهتان وأمثال ذلك ، و نعم ما قال بعض الأكابر : اللسان صغيرة الجِرم كثيرة الجُرم ؛ و قائل بالثاني بالدلائل السابقة ؛ و قائل بالتفصيل ؛ ففي بعض المواضع الكلامُ خير ، و في بعضها السكوت ، و دليله دليل المذهبَين السابقين و هو عندي قويّ .

الكلمة الثامنة ، قوله عليه السلام : مَن عَذُبَ لسانُه كَثُر إخوانُه

أى : من طابت كلماته الصادرة من لسانه في محاوراته الواقعة بين الناس في المجالس و المحافل ، بأن تكون سائغة عليهم غير شاقّة ؛ لمراعاته الرويّة في التكلّم ، و اجتناب الغيبة ، وإظهار النصيحة في مقامها .

1.يوسف ، الآية ۸۲ .

2.مريم ، الآية ۲۶ .

صفحه از 356
کلیدواژه