المغايرة الاعتباريّة بين المفضّل و المفضّل عليه و هو ۱ كاف ، و من هاهنا يعلم أنّهما في هذا الكلام متّحدان بالذات مختلفان بالاعتبار ، و هو الناس ، و مثاله كثير ، منه : زيد شاعرا أفصح منه كاتبا ، و لايخفى حسّيّة طرفي التشبيه .
أقول : معناه : أنّ الناس أشدّ شباهةً بالزمان في الأفعال و الأطوار من شباهتهم بآبائهم ، فمن رفعه و عزّزه عزّزوه ، و من خذله و وضعه وضعوه أيضا .
و الحاصل : أنّ الناس أبناء الأوقات ، محبّتهم و مودّتهم تابعة للدنيا ، فإن كنت في عزّة و نعمة و جاه واعتبار يحبّوك ، بل يتوسّلوا بالوسائط لبلوغ خدمتك و إن كنت عاصيا ؛ و إن كنت في فقر و فاقة و ذلّة و مسكنة ، يتنفّروا منك و إن كنت صالحا .
و المحبّة الناشئة من الدنيا لا دوام لها ، كما لا دوام لها ، بل كاد أن تنقلب هذه المحبّة إلى المبغضة . و معاونة الدنيا للطلحاء و العصاة ليس ببديع كما قال الشاعر ۲ :
كم عاقلٍ عاقلٍ أعيَتْ مذاهِبُهُو جاهلٍ جاهلٍ تلقاهُ مَرزُوقا
هذا الّذي تركَ الأوهام۳حائرةًو صَيَّر العالِمَ النِحريرَ زِندِيقا
و الكلام على هذا الوجه مبنيّ على المجاز المتعارف بين الناس ۴ ، من أنّهم إذا رأوا أحدا من أهل الدنيا ذا مالٍ و ذا عزّة يقولون : «إنّ الدنيا عزّزته و رفعته» ، و إن رأوا أحدا فقيرامسكينا يقولون : إنّ الدنيا أفقرته و خذلته .
و الكلام على الوجه الثاني ـ أي : على تقدير مضافٍ في العبارة ـ معناه : إنّ كلّ من كان في زمانٍ من الأزمنة يخرج في زيّ أهل ذاك الزمان .
و مجمله : أنّ كلّ أحدٍ يتخلّق بخلق مصاحبه و يسلك طريق رفيقه و مخالطه ،
1.ضمير هو راجع است به هر يك از مفضِّل و مفضَّل عليه ، و لهذا مفرد آورده شده است .منه
2.جامع الشواهد ، ج۲ ، ص۳۳۱ .
3.چون قوّت واهمه در ميان قواى باطنى فرمانفرما و هميشه آن را معارضه با عقل مى باشد ، لهذا شاعر «ترك الأوهام» گفته و ممكن است تعبير از ساير قوا به قوّت واهمه به عنوان مجاز باشد .منه
4.يعنى بر مقدّر نساختن مضافى در عبارت .منه