وأدّبه بكتابه حتى ذاق وجودُه جلال جميع القرآن، فصار قلبه مشكاة صفة القدم، برزت أنوارها لمصابيح عقول العقلاء والعرفاء، قال تعالى: «اللّه نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح» .
۳۸.وقال صلى الله عليه و سلم:ادعوا اللّه وأنتم موقنون بالإجابة ۱ .
أفهمنا أنّ مقام المتّقين مقام استجابة الدعوة، ولايجوز للعارف أن يدعو إلاّ في مقام اليقين؛ لأنّ مقام اليقين منزل الإجابة. أ لاترى إلى قول الصوفي محمد الجريريّ رحمه الله حين قيل له في المركب: ادعُ اللّه فنحن غَرقَى، قال: هذا ليس بوقت الدعاء، هذا وقت التسليم. وأيضا: إذا هاج سرّكم بطلب المراد من الحقّ وتنسَّمْتُم رائحة نسيم نفحات ظهور الحق ونزول رَوح الإلهام في صميم أرواحكم، وأخبرها الإلهام أن هذا وقت إجابة دعوةً أبقيتموه ذلك بلاتردّد واضطراب وشكّ وشبهه، فادعوا اللّه فإنّه أراد أن يعطيكم نواله ويسديكم عطاه .
۳۹.وقال صلى الله عليه و سلم:سبق المفردون. قالوا: وما المفردون يا رسول اللّه ؟ قال: الذاكرون اللّه كثيرا والذاكرات ۲ .
المفرودن بذكر اللّه القديم، الغائبون في رؤيته عن ذكر الحدثان. وأيضا المفردون بالمعرفة فى رؤية المعروف. والذكر الكثير هو الفناء في بقاء اللّه بوصف الحيرة وفقدان تحصيل الإحاطة بالمذكور .
۴۰.وقال صلى الله عليه و سلم:يقول اللّه : أنا عند ظنّ عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني؛ فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خيرٍ منهم ۳ .
1.نزهة الناظر ، ص۱۹ ؛ الدعوات ، ۳۰؛ تنبيه الخواطر(مجموعه ورام) ، ج ۷ ، ص ۲۳۷ ؛ عده الداعى ، ص۱۳۲ ؛ مستدرك الحاكم ، ج۱ ، ص۴۹۳؛ كنزالعمّال ، ج۲ ، ص۷۲
2.رياض السالكين ، ج۲ ، ص۳۹ ؛ صحيح مسلم ، ج۸ ، ص۶۳؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۴۱۱ وليس فيه لفظة : «والذاكرات» .
3.روض الجنان و روح الجنان ، ص۲۱۳ (با اندكى اختلاف) ، مسند أحمد ، ج۲ ، ص۲۵۱؛ صحيح مسلم ، ج۸ ، ص۶۷؛ سنن ابن ماجه ، ج۲ ، ص۱۲۵۶؛ سنن الترمذي ، ج۵ ، ص۲۳۸