عناوين الأبواب و تراجمها في التراث الإسلامي - صفحه 58

وبما أنّ العنونة والترجمة لابدّ أن تبتني علميّاً على أساس محكم ، كما أثبتنا في مطلع البحث ، فإنّ تداول الفقهاء لهُ في كتبهم وبحوثهم يكون حجّة عليهم .
والحاصل أنّ كلّ عنوان وضع على معنون فلانتخابه وجهٌ صحيح ، وتكون دلالته مطابقة على المعنونات ، بشكل صائب ، وقد اعتنى كبار الفقهاء ، والمحققون منهم ، بهذا الجانب ، فلنقرأ معاً كلماتهم في هذا المجال :

معَ المحقق الكركي

ألّف كتابه العظيم جامع المقاصد ، شرحاً على قواعد الأحكام للإمام العلاّمة الحلّي ، فكان لما أورده فيهِ من تحقيقات عميقة فائقة أثراً في تعميق البحوث الفقهية ، وفي قسم المعاملات بالخصوص ، بما خلّد للكركي لقب «المحقّق الثاني» وخلف لكلماته رنيناً لا تزال تدوّي أصداؤه في أندية العلم .
وهذا المحقق العظيم ، قد أولى للعناوين سواء في الكتب أو الفصول أو الأبواب، عنايةً فائقة ، ورتّبَ على مقتضياتها آثاراً علميّة ، وفي خصوص ما في عمل العلّامة الماتن ، وماأودعه في «قواعد الأحكام» من العناوين ، حيث ترتب عليها فهم عبارات الكتاب وحلّ مشكلاتها ، وفكّ غوامضها ومعضلاتها ، ودفع مايوجّه إليها من إيراد وإشكال ، وهذهِ عيّنات من ذلكَ :
قال المحقّق : قوله : «الفصل الثالث : في الكسوف ، وفيهِ مطلبان : الأوّل : الماهيّة . . .» .
المراد بالماهيّة ، ماهيّة صلاة الكسوف ، لأنّها في معنى سياقها ، لأنّ الفصل معنَونٌ بها ، فاللام قائمٌ مقام المضاف إليهِ .
فيرد عليهِ قوله بَعْدُ : «الثامن : الموجب . . .» لاستلزامه كون الموجب لصلاة الكسوف هو : كلّ واحد من المذكورات ، وهو معلوم الفساد ، فكان ينبغي أن يعنون الفصل بـ «صلاة الآيات» ليكون أشمل وأبعد من الاعتراض .

صفحه از 78