4 ـ بين المنع عن رواية الحديث ، والاحتياط له
عقد ابن ماجة في سننه، «باب التوقّي في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه و آله » ۱ أوردَ فيهِ ماروي عن بعض الصحابة، ومما أورده حديث قَرَظَة بن كعب عن عمر معَ وفد الكوفة ، حيث قال لهم : . . . إنّكم تقدمون على قومٍ للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المِرْجَل ، فإذا رأوكم مدّوا إليكم أعناقهم ، وقالوا :«أصحاب محمّد» فأقلوا الرواية عن رسول الله صلّى الله عليه و آله ، ثمّ أنا شريككم ۲ .
هكذا أورده ابن ماجة في باب «التوقي في الحديث . . .» وهو يعني الاحتياط للحديث والمحافظة عليه ، والرعاية له!
وقد أورده الخطيب في باب «ذكر نهي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رواية الحديث» وفي لفظه : . . . إنّكم تأتون بلدةً لأهلها دويّ بالقرآن كدويّ النحل ، فلا تصدّوهم بالأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه و آله ، وأنا شريككم!
قال قرظة : فما حدّثت بعده حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه و آله ۳ .
وأوّل مايجب التذكير بهِ أنّ كلام عمر يدلُّ على ماابتكره من مقولة : «حسبنا كتاب الله».
فقد كان هو أوّل من واجه بِها رسول الله صلّى الله عليه و آله فصدّه بذلكَ عن كتابة ماهمّ بهِ في مرض موته ۴ فكان هذا الفعل من أوائل عمر!
ومن الواضح أنّ تلكَ المقولة ، تعني الاستغناء عن غير كتاب الله ، ورفض الأحاديث مطلقاً من دون استثناء .
1.السنن لابن ماجة ( ج۱ ـ المقدمة ـ ص۱۲ ، الباب۳ ح۲۸ .
2.السنن لإبن ماجة (ج۱ ـ المقدمة ـ ص۱۲ ، الباب ۳ .
3.شرف أصحاب الحديث (ص۸۸) الحديث ۱۹۲ .
4.صحيح البخاري في مواضع (راجعها في تدوين السنة الشريفة هامش ص۸۰ ومنها كتاب العلم (باب كتابة العلم ۱ / ۳۹) وأورده البيهقي في دلائل النبوّة (۷ / ۱۸۱ و ۱۸۳) باب « ماجاء في همّه بأن يكتب لأصحابه كتاباً . . .» .