عناوين الأبواب و تراجمها في التراث الإسلامي - صفحه 36

حيث فسّر (قول الزور) بالغناء ۱
فقد اشتركَ الغناء معَ الخمر في حكم (الاجتناب) .
ومن هنا يظهر الوجه في الثاني :
حيث أنّ الخمر من الأشربة، وأنسب مورد لذكره هو ذلكَ الكتاب ، وأحكامه الكثيرة تدور على ذاته ، لا خصوص عمله وبيعه حتى يذكر في كتاب المتاجر ، وكذلكَ أتبعوه بذكر الغناء والميسر .
ونقول : قد يقال : إنّ الوجه في إلحاق الغناء بالخمر في التبويب والعنونة ، هو أنّ الغناء المجرّد ـ وهو الصوت المطرب ـ لا دليل على حرمته ، وإنمّا المحرّم هو المجتمع معَ محرّمات اُخرى ، كالمعتاد في مجالس اللهو والطرب ، في أندية أهل الفسوق والفجور ، حيث تدار الخمور ، ويدخل الرجال على النساء ، ويطربون على أصوات الغناء ، فالمنهيّ عنه خصوص هذا ، من الصوت المطرب، ولذا قرنوا الغناء بالخمر في التبويب .
وهذا ـ في الواقع ـ تضييق للمراد من الغناء في العرف الشرعي والحكم بتحريمه ، فلو تمّ هذا ، لكان ذلكَ التوجيه وجيهاً . وسيأتي مزيد بيان له.
وقد أوردَ الكليني رحمه الله في «باب الغناء» حديثاً نصّه : عن جهم بن حميد ، قال : قال لي أبو عبد الله عليه السّلام : أنّى كنت؟ فظننتُ أنه قد عرفَ الموضع ، فقلتُ : جعلتُ فداك ، إنِّي كنتُ مررتُ بفلان ، فاحتبسني ، فدخلتُ إلى داره ، ونظرتُ إلى جواريه ، فقال لي : ذلكَ مجلسٌ لا ينظر الله عزّ وجلّ إلى أهله ، أمِنتَ الله عزّ وجلّ على أهلكَ ومالكَ؟! ۲ .
وهذا الحديث ليس فيه ذكر الغناء ظاهراً ، وقد سبّبَ ذلكَ إلى أن يعلّق الحرّ العاملي عليهِ بما نصّه : هذا لا تصريحَ فيهِ بالغناء ، لكنْ فهم الكليني منهُ ذلكَ فأورده

1.الكافي (۶ / ۴۳۱) باب الغناء ح۱ وانظر ح۶ و ۱۳ .

2.الكافي (۶ / ۴۳۴ ، ح۲۲) .

صفحه از 78