۳۹.الإمام الباقر عليه السلامـ في رِسالَتِهِ إلى سَعدِ الخَيرِ۱يَصِفُ فيهَا العُبّادَ وَالعُلَماءَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ الَّذينَ ساروا بِكِتمانِ الكِتابِ وتَحريفِهِ ـ :اُولئِكَ أشباهُ الأَحبارِ ۲ وَالرُّهبانِ ۳ ، قادَةٌ فِي الهَوى سادَةٌ فِي الرَّدى ، وآخَرونَ مِنهُم جُلوسٌ بَينَ الضَّلالَةِ وَالهُدى ، لا يَعرِفونَ إحدَى الطّائِفَتَينِ مِنَ الاُخرى ، يَقولونَ : ما كانَ النّاسُ يَعرِفونَ هذا ، ولا يَدرونَ ما هُوَ ؟ وصَدَقوا ، تَرَكَهُم رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَلَى البَيضاءِ ۴ لَيلُها مِن نَهارِها ، لَم يَظهَر فيهِم بِدعَةٌ ولَم يُبَدَّل فيهِم سُنَّةٌ ، لا خِلافَ عِندَهُم ولَا اختِلافَ .
فَلَمّا غَشِيَ النّاسَ ظُلمَةُ خَطاياهُم صاروا إمامَينِ : داعٍ إلَى اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى ، وداعٍ إلَى النّارِ ، فَعِندَ ذلِكَ نَطَقَ الشَّيطانُ ، فَعَلا صَوتُهُ عَلى لِسانِ أولِيائِهِ ، وكَثُرَ خَيلُهُ ورَجِلُهُ ، وشارَكَ فِي المالِ وَالوَلَدِ مَن أشرَكَهُ ، فَعُمِلَ بِالبِدعَةِ وتُرِكَ الكِتابُ وَالسُّنَّةُ ، ونَطَقَ أولياءُ اللّهِ بِالحُجَّةِ ، وأخذوا بِالكِتابِ وَالحِكمَةِ ، فَتَفَرَّقَ مِن ذلِكَ اليَومِ أهلُ الحَقِّ وأهلُ الباطِلِ وتَخاذَلَ وتَهادَنَ أهلُ الهُدى ، وتَعاوَنَ أهلُ الضَّلالَةِ ، حَتّى كانَتِ الجَماعَةُ مَعَ فُلانٍ وأشباهِهِ ، فَاعرِف هذَا الصِّنفَ .
وصِنفٌ آخَرُ ، فَأَبصِرهُم رَأيَ العَينِ نُجَباءَ ، وَالزَمهُم حَتّى تَرِدَ أهلَكَ ، فَإِنَّ الخاسِرينَ الذَّينَ خَسِروا أنفُسَهُم وأهليهِم يَومَ القِيامَةِ، ألا ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ. ۵
1.هو سعد بن عبد الملك الأُموي، ففي كتاب الاختصاص : ... عن أبي حمزة قال : دخل سعد بن عبد الملك على أبي جعفر عليه السلام ، فبينا ينشج كما تنشج النساء، قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما يبكيك يا سعد؟ قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن؟! فقال له : لست منهم أنت اُمويُّ منّا أهل البيت، أما سمعت قول اللّه عز و جل يحكي عن إبراهيم عليه السلام : «فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنِّى» . (معجم رجال الحديث : ج ۸ ص ۹۶) .
2.الأحبارُ : وهم العلماء، جمع حَبْر وحِبْر (النهاية : ج ۱ ص ۳۲۸ «حبر») .
3.الراهِبُ : واحد رُهبان النصارى، والتَرهُّبُ : التعبُّد (الصحاح : ج ۱ ص ۱۴ «رهب») .
4.البَيضاءُ : وصف الشريعة ـ الإسلامية ـ بكونها بيضاء نقيّة (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۲۰۸ «بيض») .
5.الكافي : ج ۸ ص ۵۴ ح ۱۶، بحار الأنوار : ج ۷۸ ص ۳۶۱ ح ۲ .