لعلمهم بالمقيّد أو المخصّص أو القرينة أو لسؤالهم عن المعصوم عليه السلام فيها. و عَلى أىِّ حالٍ لو لم يكونوا عالمينَ بمُفادِ الكلامِ من كونِه عامّاً أو خاصّاً أو مقيّداً أو معوّلاً على القرينةِ المتّصلةِ و المنفصلةِ من أىّ طريقٍ كان لَمَا كان لتّكلّمِ المعصومِ معهم فائدةٌ و ثمرةٌ و لا معنَى للاجتهادِ إلّا ذلك. نعم إِنّ السائلَ عن المعصوم عليه السلام قد كان يُحَدّثُ غيره بنفسِ ما تكلّم به المعصوم عليه السلام لفظاً أو ناقلاً إلى المعنى و قد كان يحدّثه بما فهم من كلام المعصوم عليه السلام فبالقياس إلى الصورة الأولى كان راوياً و يسمّى محدّثاً و بالقياس إلى الثاني كان مجتهداً. فالإجتهاد لم يكن بخطيرٍ صعبٍ. نعم بالنسبة إلى الأعجام الّذين لا يَفهمون كلامَ العربِ الإسماعيليِّ الإلهيِّ يكون صَعباً و كذلك بالنسبة إلى المتأخّرينَ عن زمنِ الحضورِ صعبٌ و ذلك لتمادي الأعصار و اندماج العموماتِ و اختلاطِ المقيّداتِ و المخصّصاتِ و ظهورِ التّعارضِ في الرّواياتِ و اختفاءِ القرائنِ المتّصلةِ و المنفصلةِ و حدوثِ رجالٍ و سلسلةِ رُواةِ الأخبارِ بحيثُ صارَ سبباً لضعفِ وثاقتِها إلى غيرِ ذلك من العللِ العارضةِ و الأحداثِ الموجبةِ لصعوبةِ فَهْمِ مرادِ المعصوم عليه السلام من ظاهرِ كلامِه.
فالقولُ بأنّ الأحكامَ منحصرٌ بالمجتهدينَ قولٌ لغوٌ و كلامٌ هذلٌ فهي مجعولةٌ لكلِّ الناسِ و جميعُهم مأمُورون بها. و بالجملة فَكان تكلّمَ المعصوم عليه السلام في المعارفِ و الأحكامِ مع جميعِ العقلاءِ و ذلك لأنّ المعصوم عليه السلام لا يتكلّمُ إلّا بالمفطوراتِ و لا ينبّه عَلَى التفصيلِ إلّا بما هو مكنونٌ في العقول بالإجمالِ و الجمعِ. و هذا هو شأنُ الشّريعةِ الختميّةِ الإلهيّةِ و لهذا تكون الشريعةُ خلاقةً لمعلّم البشر. اِذ يفتحُ أبوابَ كشفِ الكنوزِ العلميِّ لتابعيه. فمتى توجَّهَ العاقلُ إلى عقلِه الصافيِّ يُفتَحُ له بابٌ من العلم بل أبوابٌ منه. فالشّارعُ يُرشِدُ تابعيه