وسنّة ـ إمّا راجعة إلى بيان الأحكام الشرعيّة، وإمّا راجعة إلى بيان اُمور اُخرى .
 وقد يقع الكلام في الاُولى ـ أي بيان الأحكام الشرعيّة ـ من قبل البعض بما مفاده : أنّ الشارع حكيمٌ، وحكمته تقتضي بيان ما يريده من المكلّفين بوضوح وصراحة، وعلى هذا الأساس قالوا بوجوب الأخذ بالظواهر ، وأنّ خلاف الظاهر لايتوافق مع الاستعمالات العرفيّة، فيطرح ولا يعمل به .
 وعلى هذا، فادّعاء وجود الاستخدام في هذه الآية، أو في تلك الرواية، لايخلو عن تكلّف يتنافى مع حكمة الشارع المقتضية للبيان بلا غموض .
 وإنّ البعض الآخر من الفقهاء قد تمسّك بالتوجيهات الحاصلة في الآيات والروايات وفق الاستخدام، وأفتوا وفقها، واعتبروها من بلاغة المعصومين (عليهم السلام) .
 وقد يقال : إنّ المولى لم يستعمل طريقة الاستخدام في إيصال المعاني ، بل إنّ الاضطراب الحاصل في إرجاع الضمائر في الروايات قد يكون سببه تقطيع النصوص ، أوالنقل بالمعنى ، أو تصرّف الرواة، إلى غير ذلك .
 ويجاب عنه : بأنّه قد يكون لهذا الكلام وجهٌ في الروايات . لكن ماذا في آيات الكتاب المقطوع نقلها بعين اللفظ ، لابالمعنى ؟ وعدم تصرّف الرواة فيها؟ وعدم تقطيع نصوصها ؟. مضافاً إلى أنّ من الواضح استعمال المعصومين للتورية الشبيهة بالاستخدام ، فإذا ثبتَ في اللغة العربيّة هكذا استعمالات; فلامانع من جريان الشارع على طبقها ، كما أنّ الاستخدام واقع في لغتنا وفي اللغات الاُخرى .
 مضافاً إلى أنّنا قلنا سابقاً : إنّ ما ذكرناه أو يذكره الآخرون من تفسير للآيات الكريمة والأحاديث الشريفة هو أحد الوجوه المحتمَلة ، وهذا الوجه المحتمل قد يكون راجحاً، وقد يكون مرجوحاً ، فهو تابعٌ للظهور العرفيّ المعتدّ به عند جمهور العلماء في تفسير نصوص الشريعة .
 والحمد لله ربّ العالمين