شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 363

قال بعض أهل المعرفة ۱ : إنّ درجات الجنّة على عدد دركات النار لا محالة ، فما من درج في الجنّة إلّا يقابله درك من النار ؛ وذلك أنّ الإنسان لا يخلو إمّا أن يعمل بالأمر أو لا يعمل ؛ فإن عمل كان له درجة معينة لذلك العمل خاصة ، وفي موازنة هذه الدّرجة المخصوصة لهذا العمل الخاص إذا تركه الإنسان درك في النار ، لو سقطت حصاة من تلك الدّرجة لوقعت على خطّ استواء على ذلك الدّرك ، فإذا سقط الإنسان من العمل بما اُمر فلم يعمل كان ذلك الترك لذلك العمل عين سقوطه إلى ذلك الدرك ؛ قال اللّه تعالى : « فاطّلع فرآه في سواء الجحيم»۲ فإنّ الاطّلاع على الشيء إنّما يكون من أعلى إلى أسفل ؛ والسّواء : حد الموازنة على الاعتدال ، فما رآه إلّا في ذلك الدّرك الّذي في موازنة درجته ؛ فإن العمل الّذي نال به هذا الرجل تلك الدّرجة ، تركه ذلك الرّجل الآخر الّذي كان قرينه في الدنيا بعينه ، فانظر إلى ۳ هذا العدل / ب 31 / الإلهي ما أحسنه!
ولما كان الموحّد منعه التوحيد أن يكون من أهل النار ، والمشرك قطع به الشرك من دار الكرامة ـ فإنّ الجنّة خير لا شرّ فيها ـ فجميع جزاء علم الشرك وعمله وقوله الّذي لو كان موحّدا جوزي عليه في الجنّة بحسبه يعطى للموحّد الجاهل بذلك العلم المفرّط في ذلك العمل التارك لذلك القول ، وجميع جزاء جهل الموحّد وتفريطه وتركه لذلك القول الّذي لو كان مشركا لحصل له في النار يعطى لذلك المشرك الّذي لا حظّ له في الجنّة.
فإذا رأى المشرك ما كان يستحقّه لو كان سعيداً يقول : يا ربّ ، هذا لي ، وهو جزاء عملي بعينه! فيقول اللّه تعالى : قد جازيتُك على ذلك كلّه بما أنعمتُ به عليك من كذا وكذا . فيقرّر عليه جميع ما أنعمه في الدنيا جزاءً لمكارم أخلاقه والقول بها والتحريص عليها والعلم ۴ بمواقعها دون نعمه المتمشّية ۵ عليه في خلقته المبتدأة التي ليست بجزاء ، فيزنها المشرك هنالك بما كشف اللّه له من علم الموازنة ، فيقول : صدقت . فيقول اللّه تعالى له : فما نقصتُ لك من جزائك شيئا ، والشرك قطع بك من دخول دار الكرامة ، فتنزل فيها على موازنة هذه الاعمال ، ولكن اُنزل من النار على دركات من نزل على درجات تلك الأعمال ، فانّ صاحبها منعه التوحيد أن يكون من أهل هذه الدار ، فهذا من الميراث الّذي بين أهل الجنّة والنار.
أقول : أشار بالميراث الّذي بين الفريقين إلى ما ورد في الآيات والأخبار ؛ فقد روي عن

1.هو الملّا محسن الفيض الكاشاني .

2.سورة الصافات ، الآية ۵۵ .

3.ح : - إلى .

4.م : خ ل : والعمل.

5.م و ح : الممتشية .

الصفحه من 442