شرح حديث زينب عطاره - الصفحه 356

[في الحوت و خصائلها]

فإنّها مع تكوّن فطرتها في الماء بالماء ونشؤها ونموّها فيه وبه واستغراقها فيه وفي ذاته وصفاته وفي شهود شؤونه وآياته وأطواره 1 بحيث لا تتمكّن من شهود شيء غيره وغير آثاره كأن تسمع بالماء ولم تجده ولم تدركه ولا تستشعر به وكان غائباً عنها إلى أن انتهى الأمر بها إلى أن قامت بطلبه وطلب شهوده ، بل وبطلب 2 العلم بمهيّته بأنّه : ما هو؟ وكيف هو؟ وأين هو؟ وأنّى هو؟ فاحصة عنه وعن أحواله ، وسرّ كلّ ذلك هو احتجاب الحوت برؤية نفسها عن شهود الماء وهي مستغرقة فيه ، بل وفي شهوده من حيث لا يشعر به ولا بشهوده ، فاسترشدت فاُرشدت إلى حوت عتيقة كبيرة ما وجدت في حيتان البحار أكبر وأعلم وأوقف منها ، فتهيأت وسافرت إلى موطن تلك الحوت الكبرى فلاقها وتشرّفت بصحبتها الفيّاضة وعرضت قصّتها عليها فأرشدتها أن سألتها أن تريها شيئا غير الماء ، فتنبّهت واستشعرت بأنّها مستغرقة في وجود الماء وفي شهوده 3 ، وما رأت منذ خلقت غير الماء ، فرجعت وأنابت وتابت عن ذهولها وغفلتها وعن رؤية نفسها التي حجبتها عن رؤية الماء الّذي كانت مستغرقةً في وجوده محتجبةً بنفسها وبرؤية إنيّتها عن شهود الماء في عين شهوده ، ومن هاهنا قيل : « الهي لا تحجُبني عنك إلّا إنّي! إلهي لا مانع بيني وبينك إلّا إنّي! فارفع إنّي من البين!» وفيه قيل شعرا :

گفتم به كام وصلت خواهم رسيد روزى
گفتا كه نيك بنگر شايد رسيده باشى

ولقد قال / الف 28 / سبحانه : «ألا إنّهم في ترية من لقاء ربهم ألا إنّه بكلّ شيء محيط» 4 وفيه قلت نظماً:

اى جود تو سرمايه سود عالم
سرّ تو نهفته در وجود عالم

ور روز به روز سرّ مستور شود
آنان كه نمود توست بود عالم

وفي الرجبية الخارجة عن الناحية المقدّسة : فبهم ملأت سماءك وأرضك حتى ظهر أن

1.ح : أطواره وآياته .

2.م : يطلب .

3.م و ح : شهود .

4.سورة فصّلت ، الآية ۵۴ .

الصفحه من 442