قالَ أبو مِخنَفٍ : حَدَّثَنا عَبدُ اللّهِ بنُ عاصِمٍ الفائِشِيُّ ـ بَطنٌ مِن هَمدانَ ـ عَنِ الضَّحّاكِ بنِ عَبدِ اللّهِ المَشرِقِيِّ ، قالَ : قَدِمتُ ومالِكَ بنَ النَّضرِ الأَرحَبِيَّ عَلَى الحُسَينِ ، فَسَلَّمنا عَلَيهِ ثُمَّ جَلَسنا إلَيهِ فَرَدَّ عَلَينا ، ورَحَّبَ بِنا ، وسَأَلَنا عَمّا جِئنا لَهُ ، فَقُلنا : جِئنا لِنُسَلِّمَ عَلَيكَ ، ونَدعُوَ اللّهَ لَكَ بِالعافِيَةِ ، ونُحدِثَ بِكَ عَهدا ، ونُخبِرَكَ خَبَرَ النّاسِ ، وإنّا نُحَدِّثُكَ أنَّهُم قَد جَمَعوا عَلى حَربِكَ فَرَ ۱ رَأيَكَ . 
 فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : حَسبِيَ اللّهُ ونِعمَ الوَكيلُ ! 
 قالَ : فَتَذَمَّمنا وسَلَّمنا عَلَيهِ ، ودَعَونَا اللّهَ لَهُ . 
 قالَ : فَما يَمنَعُكُما مِن نُصرَتي ؟ فَقالَ مالِكُ بنُ النَّضرِ : عَلَيَّ دَينٌ ولي عِيالٌ . فَقُلتُ لَهُ : إنَّ عَلَيَّ دَينا ، وإنَّ لي لَعِيالاً ، ولكِنَّكَ إن جَعَلتَني في حِلٍّ مِنَ الاِنصِرافِ إذا لَم أجِد مُقاتِلاً قاتَلتُ عَنكَ ما كانَ لَكَ نافِعا ، وعَنكَ دافِعا . 
 قالَ : قالَ : فَأَنتَ في حِلٍّ ، فَأَقَمتُ مَعَهُ . 
 فَلَمّا كانَ اللَّيلُ قالَ : هذَا اللَّيلُ قَد غَشِيَكُم ، فَاتَّخِذوهُ جَمَلاً ، ثُمَّ ليَأخُذ كُلُّ رَجُلٍ مِنكُم بِيَدِ رَجُلٍ مِن أهلِ بَيتي ، تَفَرَّقوا في سَوادِكُم ومَدائِنِكُم حَتّى يُفَرِّجَ اللّهُ ، فَإِنَّ القَومَ إنَّما يَطلُبُونّي ، ولَو قَد أصابوني لَهَوا عَن طَلَبِ غَيري . 
 فَقالَ لَهُ إخوَتُهُ وأَبناؤُهُ وبَنو أخيهِ وَابنا عَبدِ اللّهِ بنِ جَعفَرٍ : لِمَ نَفعَلُ ؟ لِنَبقى بَعدَكَ ؟ ! لا أرانَا اللّهُ ذلِكَ أبَدا . بَدَأَهُم بِهذَا القَولِ العَبّاسُ بنُ عَلِيٍّ . ثُمَّ إنَّهُم تَكَلَّموا بِهذا ونَحوِهِ . ۲
                         
                        
                            1.رَ : فعل الأمر من رأى .
2.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۱۸ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۹ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۹۱ ، الأمالي للصدوق : ص ۲۲۰ ح ۲۳۹ عن عبد اللّه بن منصور عن الإمام الصادق عن أبيه عن جدّه عليهم السلام وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۵ ح ۱ .