ويحكم عليها ، ولا تستقرّ فيه محبّتان غالبتان ، كما قال اللَّه عَزَّوجلَّ : يا عيسى، لا يصلح لسانان في فم واحد ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان۱ ، وقال سبحانه : (ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلْبَينِ في جَوْفِهِ)۲ .
فالدّنيا والآخرة ضَرّتان لا يجتمع حبّهما في قلب ، فمن استولى على قلبه حبّ المال لا يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إلّا إليه ، ولا يعمل عملاً إلّا ومقصوده الحقيقيّ فيه تحصيله ، وإن ادّعى غيرَه كان كاذباً ، ولذا يطلب الأعمال الّتي وعد فيها كثرة المال ولا يتوجّه إلَى الطّاعات الّتي وعد فيها قرب ذي الجلال ، وكذا من استولى عليه حبّ الجاه ليس مقصوده في أعماله إلّا ما يوجب حصوله ، وكذا سائر الأغراض الباطلة الدنيويّة ، فلا يخلص العمل للَّه سبحانه وللآخرة إلّا بإخراج حبّ هذه الاُمور من القلب ، وتصفيته عمّا يوجب البعد عن الحقّ .
فللنّاس في نيّاتهم مراتب شتّى ، بل غير متناهية بحسب حالاتهم ؛ فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلانه ، ومنها ما يوجب صحّته ، ومنها ما يوجب كماله ، ومراتب كماله أيضاً كثيرة .۳
3925 - الحَثُّ عَلَى النِّيَّةِ الصّالحَة في كُلِّ شَيءٍ
۲۱۰۲۷.رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : يا أبا ذرٍّ ، لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ ، حتّى في النَّومِ والأكلِ .۴
۲۱۰۲۸.الإمامُ عليٌّ عليه السلام- مِن كِتابِهِ للأشتَرِ لَمّا وَلّاهُ مِصرَ -: وأمْضِ لكُلِّ يَومٍ عَمَلَهُ ؛ فإنّ لكُلِّ يَومٍ ما فيهِ ، واجعَلْ لِنَفسِكَ فيما بَينَكَ وبَينَ اللَّهِ أفضَلَ تِلكَ المَواقيتِ ، وأجزَلَ تِلكَ الأقسامِ ، وإن كانَت كُلُّها للَّهِ إذا صَلُحَت فيها النِّيَّةُ ، وسَلِمَت مِنها الرَّعيَّةُ .۵
1.راجع الكافي : ۲ / ۳۴۳ / ۳ .
2.الأحزاب : ۴ .
3.بحار الأنوار : ۷۰ / ۱۹۳ .
4.مكارم الأخلاق : ۲ / ۳۷۰ / ۲۶۶۱ .
5.نهج البلاغة : الكتاب ۵۳ .