الإنسان ، سواء في ذلك علم التوحيد وغيره من العلوم ، بل العلم بلا بصيرة علميّة ليس بعلم ؛ حيث يفقد مزيّة العلم التي هي رشد الإنسان وتكامله .
5 . العلم بعامّته حينما تصحبه البصيرة العلميّة هو «علم التوحيد» ؛ ولذا يرَى القرآن الكريم أنّ العلم عامّة يستتبع الخوف والخشية من اللَّه : (إنّما يَخْشَى اللَّهَ مِن عِبادِهِ العُلَماءُ) .۱
يستنتج مفهومان من الآية أعلاه :
أ - أنّ المعنيّ بالعلم هو البصيرة العلميّة بالمعنَى الذي أوضحناه ؛ إذ أنّ كل علم من العلوم - حتّى علم التوحيد - ما لم يكن متوفّراً على روح وجوهر العلم لا يبعث علَى الخشية .
ب - أنّ العلاقة بين العلم والإيمان تلاحميّة لا تقبل الانفصال ؛ بمعنى أنّه لا يمكن أن يبصر الإنسان العالَم كما هو ، ولا يرى يد اللَّه وصنعته .
من هنا يضع القرآن الكريم العلماء في صفّ الملائكة بوصفهم شهوداً على وحدانيّة مبدع العالَم : (شَهِدَ اللَّهُ أنّهُ لا إلهَ إلّا هُوَ والمَلائكةُ واُولو العِلْمِ) .۲
6 . العلم - بالمفهوم المتقدّم - ليس توأم الإيمان بالتوحيد فحسب ، بل يصاحب الإيمان بالنبوّة أيضاً ؛ إذ كما يستحيل أن يرَى الإنسان العالَم ولا ينتهي إلَى الإيمان باللَّه ، كذلك لا يمكن أن يرى إنسان العالَم وصانعه ويعرف موقعه من الكون ثمّ لا يؤمن برسالة اللَّه التي تهدي إلى حكمة الإبداع ، (وما قَدَروا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إذ قالُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ على بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ) .۳ وقد أثبتنا في بحث «النبوّة العامّة» أنّ نفي النبوّة يعادل نفي التّوحيد .
7 . العلم - بالمفهوم المتقدّم - ليس توأم الإيمان بالتوحيد والنبوّة العامّة فحسب ، بل يصاحب الإيمان بالنبوّة الخاصّة أيضاً ؛ يعني أنّ الإنسان حينما يتوفّر علَى البصيرة العلميّة ،