ضربه على نفسه في صلح الحديبيَّة بقوله: «فعملتُ لذلك أعمالاً» .
حدَّث سلمة بن الأكوع فقال: بينما نحن قافلون من الحديبيَّة نادى منادي النبي(صلى الله عليه وآله): أيّها الناس ; البيعة . .البيعة ، قال: فسرنا إلى رسول الله ، وهو تحت شجرة سمُرَة ، فبايعناه ، وذلك قول اللَّه عزَّ وجلَّ: لَقَدْ رَضِي اللَّهُ عَنْ المُؤمِنِينَ إذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ .
كما قد ذُكِرَ في سبب نزولها: أنَّ الرسول (صلى الله عليه وآله) حين نزل الحديبيَّة بعث جوَّاس بن أميَّة الخزاعي رسولاً إلى أهل مكَّة ، فهمُّوا به ، فمنعه الأحابيش ، فلمَّا رجع دعا عُمَرَ ليبعثه فقال: إنِّي أخافهم على نفسي ، لِمَا عُرِف من عداوتي إيَّاهم ، وما بمكَّة عَدَوِيٌ يمنعني ، ولكن أدلُّك على رجل هو أعزّ بها مني وأحبّ إليهم: عثمان بن عفَّان فبعثه . . .» ۱
ولقد حاول هذا الكاتب أن يثبت أنَّ الصحابة كلَّهم ممدوحٌ ، وكلَّهم عدولٌمن خلال هذه الآية ، بقرينة أنَّ الرضا في الآية عامٌّ شاملٌ لكلِّ الصحابة ، ولكنَّ ما رامه ليس ممَّا يمكن إثباته من هذه الآية فضلاً عن غيرها من الآيات لوجوه:
أوّلاً: إنَّ متعلق الرضا في الآية هم «المؤمنون» وليس الصحابة لفظاً ولا معنى ، وذلك لعدم اعتبار كل الصحابة مؤمنين ، وهذا مسلَّم حتى بالنسبة للكاتب لو أعطى التأمل حقَّه ، فالمرضيُّ عنه مَن تعنون بعنوان المؤمن ، وليس من اتصف بأنَّه من الصحابة ، وإن كان المؤمنون من الصحابة ، لكن قد ثبت أن في الصحابة من خرج عن الإيمان ، فلا تنافي بين الأمرين .
ثانياً: قد اعترف الكاتب بأنَّ منادي الجهاد نادى: لا يخرج معنا إلا من شهد الواقعة ، فممَّن خرج معهم جابر بن عبد الله وهو من الذين لم يشهدوا المعركة
1.تفسير الكشاف: ۴ / ۳۳۹ ، وأخرجه أحمد من رواية عروة عن المسور ومروان