له ، ومع كلِّ هذا فقد عفا الله عنهم .
والسؤال الذي أثاره هذاالكاتب، ونحتاج للإجابة عليه هو: أنَّ عفوالله ومغفرته عنهم عفوٌ عن كل ذنوبهم حتى المستقبليَّة منها ، فضلاً عن الماضية فيما قبل المعركة ؟ أم أنَّه عفوٌ عمَّا صدر منهم في هذه المعركة من الفرار الذي صدر منهم ليس إلا ؟
إنَّ الذي يُستفاد بل يَنُصُّ عليه بعض المفسرين كتفسير ابن كثير والكشاف والبيضاوي والرازي ، بل الجلُّ منهم : أنَّه عفوٌ عمَّا صدر منهم هنا في هذه الواقعة ، إذن فتعدية العفو لغيره من المعارك أو المواقف ـ فضلاً عمَّا يصدر بعدها في مستقبل أيَّامهم ـ ليس منظوراً إليه في الآية إطلاقاً .
فمن يدّعيه يُحمِّل النص ما لا يتحمل ، بل ينسب إلى القرآن وإلى الرسول ، بل إلى الله عزَّ وجلَّ ما لم يقله وما لم يُرِده ، بلا دليل أو بينة وبرهان مبين .
وما الداعي إلى أن يعفو عنهم فيما يصدر عنهم مستقبلاً؟ وهل هو إلا تغريرٌ بهم وإلقاء لهم في المعصية؟ وبعد ذلك، ما فائدة التكليف لهم؟ إذ أنَّهم معفوٌّ عنهم في كل ما يصدر أو سيصدر عنهم مستقبلاً ، فهم في الجنَّة على كل حال أحسنوا أو أساؤا؟! .
وأي عاقل يرى أنَّ عفو السيِّد عن مولاه وعبده في ذنب صدر منه في يوم ما بأنَّه عفوٌ صدر منه في حقّ كلّ ذنوب عبده ذاك ; السابقة والمستقبلة ؟؟
حاشا وكلاَّ للعقلاء أن يدَّ عُوا ذلك !
المقطع الخامس: قوله تعالى: الذِّينَ استَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُم القَرْحُ لِلذِّينِ أَحْسَنُوا مِنْهُم وَاتَّقَوا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الذِّينَ قَالَ لَهُم النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُم فَاخْشَوهُم فَزَادَهُم إيمَانَاً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * {آل عمران: 172 ـ 173 .
لمَّا رجع المسلمون من أُحُد سمعوا بأنَّ أبا سفيان يهمُّ بالرجوع لهم وإعادة الكرَّة عليهم في المدينة ، فتهيأ النبي (صلى الله عليه وآله)للقتال وعزَّم بأصحابه أن يهبُّوا معه ،