صحبة الرسول (صلي الله عليه و آله) بين المنقول و المعقول - الصفحه 106

وكثرة عدَّتِها وعتادها ، ومن جهة أخرى: لابدَّ لهم من إثبات صحَّة موقفهموتمسكهم بالدين الجديد .
فمن غلب عليه الجانب الأول ظهرت منه علائم النفاق والضعف والتخاذل .
وأمَّا من غلب عليه الجانب الثاني فقد أظهر البسالة والثبات .
فمثل المقداد الذي قال للنبي(صلى الله عليه وآله) : «إنَّا لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، ولكن نقول لك: تقدما وقاتلا ونحن معكم» ۱  . . .
فاقرأ ما نزل من آيات في معركة بدر الكبرى; فقد كان جلُّ سورة الأنفال في معركة بدر ، وتأمل في مضمون ما سنتلو عليك من آيات عبر مقاطع:
المقطع الأوّل منها: قال تعالى: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وَإنَّ فَرِيقَاً مِن المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُم كَأنَّمَا يُسَاقُونَ إلَى المَوْتِ وَهُم يَنْظُرُونَ * وَإذْ يَعِدُكُم اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أنْ يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ * لِيُحقَّ الحَقَّ وَيُبطِلَ البَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ المُجرِمُونَ*الأنفال 5 ـ 8 .
ففي هذه الآيات صراحة ما بعدها صراحة في أنَّ قسماً من الصحابة كان كارهاً للدخول في حرب مع قريش ، ومن المُبرِّرات ما ذكرناه سابقاً ، ومنها ما هو معروف من أنَّهم لا رغبة لهم في محاربة قومهم وإن كانوا كفاراً ، ولذا عبَّرت الآية بقوله يُجَادِلُونَكَ ، والمجادلة وقعت حول الحق ، وهل الصحابة المتبعون للنبي في كل أمورهم يجادلون في الحق ، أيها الكاتب المحترم ؟؟
ومَنْ هم الكارهون: هل هم فريق من الكفار أم فريق من المؤمنين ؟؟ .
ويناسب هنا أن نذكر ما يؤيد كراهة البعض الخروج للقتال ، فقد أخرج مسلم

1.تفسير الكشاف: ۲ / ۱۹۸ .

الصفحه من 152