مجمع البيان .
وعلى هذه التفاسير المختلفة لا تتمّ دعواهم على إرادة الخلفاء الأربعة ، أضف إلى ذلك عدم دعواهم النصّ على استخلافهم وخلافتهم ، بل هم بين من ادّعي نصبه بالشورى ۱ وبين من نصب بالتعيين من سابقه ۲ وبين من جعلها شورى بين ستّة ۳ وأمر بحبسهم في دار إلى ثلاثة أيّام ، جاعلاً الأمر بيد عبدالرحمن بن عوف .
ولمَّا عوتب الخليفة الثاني على ذلك قال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منّي ـ يعني أبا بكر ـ وإن أترك فقد ترك من هو خير منّي ـ يعني رسول الله بدعواه أنَّه لم يستخلف ـ .
واعتقدوا أنَّ في ذلك فضيلة له من التوجّه للتخيير بين الأمرين .
ولكنَّ الحقّ المبين هو أنَّه بلا دليل ولا مرشد ، وليست إلاّ السياسة المدبَّرة والمبيَّتة منه لمن يليه ، وأيّة شورى تلك التي يحبس فيها المرشَّحُون وهم المرشِّحُون أنفسهم ؟ وهل فيهم خير أن لو انتخبوا مَن لم يرتضه عبد الرحمن أن يضرب عنق الممتنع؟ وبأيّ وجه شرعيّ يقتل؟ فهو إمَّا خليفة للمسلمين ، وإمَّا مقتول ، وإمَّا موافق للآخر ، ولو كان ذا باطل ؟
وأمَّا بقيَّة الآيات : ففيها أمرٌ لهم باتباع النبي (صلى الله عليه وآله) واستماع أوامره وعدم التقدّم عليه ، وإعزازه والرجوع له في الحكم في ما لو شجر بينهم نزاع أو خصومة ، وأمثال هذه الموارد .
وليس فيها من مدح لهم تلميحاً فضلاً عن التصريح به .
ولعلَّ أعمَّ ما يتصور دلالته على دعوى تلك المنزلة لهم هي من قِبَل قوله
1.كدعواه نصب الخليفة الأوّل .
2.كتنصيب أبي بكر للخليفة الثاني حيث إنَّه قد نصَّ عليه ، وقد سبق من أمير المؤمنين ذلك له فقال للثاني : «احلب حلباً لك شطره . . .فلشدَّما تشطرا ضرعيها . .» .
3.كما صنع ذلك الخليفة الثاني في شوراه المشهورة .