شرح حديث «نية المؤمن خير من عمله» - الصفحه 335

قد أوضحت الحال ورفعت الإشكال وحسمت مادة السؤال ؛ أعني : ينبغي أن يكون كل واحد منها كذلك ، حيث كان جوابا على حده مع أنها ـ مع ما في أكثرها من التكلفات البعيدة والتمحلات الغير السديدة ۱ ـ لا يوجد فيها جواب شافي ، ولقطع جميع شقوق السؤال كافي ۲ ، بل ولا مجموعها بالمجموع وافي .
ثم إني أتعجب منه ثانيا كيف اختار في تقرير الجواب الثامن والتاسع كلام الغزالي ، مع أن حاصلهما يستفاد من الحديث الذي هو بصدد بيانه ، ومن كلام أميرالمؤمنين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ كما سنقرّره .
والظاهر أنه لم يتفطن لذلك؛ إذ لو تفطن له فلا أقل من أن كان يجعله سندا ومؤيدا لما ذكر ، فلنبيّن أولاً ما في الأجوبة المذكورة ومن عدم رفعها لجميع شقوق السؤال على سبيل الإجمال ، ثم نذكر ما وعدنا بذكره ، فنقول :

[ردود على الوجوه التي ذكرها الشيخ البهائي]

أما الجواب الأول : فمع ما فيه من تجشّم حمل النية على الاعتقاد ولا يكاد يصح ، ومن التزام كون العمل أفضل من النية وهو مخالف للعقل ومتواتر النقل ، لا يجدي نفعا ؛ إذ للسائل أن يرجع ويقول : وهذا الجواب أيضا منافٍ لكون أفضل الأعمال أحمزها ؛ لأن العمل أحمز من الاعتقاد كما أنه أحمز من النية ، فلِمَ استحق به الخلود في الجنة ولم يستحق الخلود بالذي هو أحمز ، فلا يكون الأحمز أفضل ، فما كنا نسأل به عن النية نسأل به عن الاعتقاد .
ومع هذا فما تصنع بالأحاديث الصحيحة الصريحة في أن النية أفضل من العمل؟ وما تعمل بهذا الحديث الذي أنت بصدد الكلام عليه؟ إن كان يمكنك حمله على الاعتقاد فَلِمَ لا تحمله عليه ؟
ثم أقول : إن هذا الجواب هو الجواب الثالث من أجوبة الشهيد ، إلاّ أن البهائي رحمه اللهأو

1.كذا ، والأحسن أن يقال : «غير السديدة» .

2.كذا ، والأحسن أن يكتب : «كافٍ» ، كما أنه كذلك في ما قبله : «شافٍ» وما بعدها : «وافٍ» ، إلاّ أن يحمل كلها على حالة الوقف .

الصفحه من 346