شرح الحديثين :« الريا شرك ، و تركه كفر » «حبّنا أهل البيت يكفّر الذنوب» - الصفحه 383

لأجل محبّتهم خاصةً إلاّ الذنوب الّتي تابوا منها لا ما أصرّوا عليه منها ، و حكمة ذلك ما ذكرناه في الوجه الأوّل من وجوه الجمع بين الأخبار المتعارضة من أنّ الإصرار على الذنوب يستلزم تحقيرها والاستخفاف بها ، أو هو لازم لهما ، فيخرج به فاعله عن حقيقة المحبّة لهم ، الّتي هي سبب لمغفرة الذنوب ؛ لأنّ المراد بالمحبّة في مثل هذا الخبر المتابعة ، و المزيّة لهم على هذا مذكورة في الموضع الأوّل .
المقام الثاني : إنّ قوله صلى الله عليه و آله : « و ظلم للمؤمنين » مستثنى من حكم التحمّل قطعا ، فالمراد بالعباد الّذين يتحمّل اللّه تعالى عن محبّي أهل البيت صلى الله عليه و آلهمظالمهم : إمّا العباد الّذين يجب لهم على اللّه سبحانه بقاعدة العدل الانتصافُ من محبّي أهل البيت صلى الله عليه و آله و اُولئك هم المؤمنون يقينا ، و إمّا أن يكون المراد بهم غيرهم من فرق الناس.
فإن كان المراد الأوّل لزم التناقض في الكلام ؛ لأنّ معناه على هذا الوجه أنّ اللّه يتحمّل عن محبّي أهل البيت صلى الله عليه و آله ما عليهم من مظالم المؤمنين و لا يتحمّلها ، و هذا تناقض ظاهر لا يجوز حمل الكلام على المعنى المستلزم له ؛ صونا للقول المنسوب إلى الرسول صلى الله عليه و آله عن التناقض المقتضي لبطلان القول .
و إن كان المراد هو الثاني ـ لِيكون المعنى : إنّ اللّه يتحمّل عن محبّي أهل البيت عليهم السلاممظالم غير المؤمنين من سائر الفرق ـ صحّ الكلام و وافق بعضه بعضا .
و الظاهر أنّ هذا المعنى هو المراد من الخبر ، بل لا يصحّ إرادة غيره .
و المزيّة لمحبّي أهل البيت عليهم السلام على هذا الفرض أنّ اللّه يتحمّل عنهم مظالم غير المؤمنين من سائر فرق الناس ، بأن يعوّض المظلومين أعواضا تفي بما لهم على محبّي أهل البيت من الحقوق ، أو تربّي عليها بحيث يرضون بها عن الاقتصاص لهم في محبّي أهل البيت ، و يزيد المحبّين على ذلك أيضا ؛ بأن يجعل في موضع الذنوب الّتي تابوا عنها و في موضع ما تحمّله عنهم حسنات .
و هذا بخلاف غيرهم من جميع الناس ؛ فإنّ اللّه يقتصّ لبعضهم من بعض

الصفحه من 385