الحشويّة الأميريّون - الصفحه 71

«باب الصبر على جور الأئمّة، وترك قتالهم، والكفّ عن إقامة السيف»
فأورد فيه الأحاديث المحرّفة من قبيل : «مَن كره مِن أميره شيئاً فليصبرْ عليه ، فإنّه ليس أحدٌ من الناس خرجَ من السلطان - أو مَن فارقَ الجماعة - شبراً ، فمات إلّا ماتَ - أو فمِيتَتُه - مِيتةٌ جاهليّة» ۱ .
أقول : نصّ الحديث المتّفق عليه بين الفرق الإسلامية : «مَن مات بغير إمامٍ - أو لايعرف إمامه ، أو لايعرف إمام زمانه - مات مِيتةً جاهليّةً» ۲ .
وهو دالٌ على لزوم وجود إمامٍ في كلّ زمانٍ تجب على الاُمّة معرفته وقبول إمامته . لكنّهم حرّفوا ذلك إلى «أميرٍ» و «سلطان» و «بيعة» و «طاعة» وأمثال ذلك ممّا يوافق واقع حالة السلاطين والاُمراء، ثمّ عمّموها على الظلمة والفسقة ، بسائر ما رووا من وجوب طاعتهم مطلقاً .
والإمام المذكور في الحديث ، إنّما تشترط فيه شروط الإمامة الإسلامية من العدل ، والعلم ، والشجاعة ، والنسب ، وسائر الشروط على اختلافها بين الفرق الإسلامية ، حتّى تصحّ فرض إمامته التي من أوضح آثارها الائتمام به واتّباعه والانقياد له ، وجعله قُدوةً واُسوةً ، باعتباره خليفةً لرسول اللَّه صلى الله عليه وآله أتقى الناس وأورعهم وأزهدهم .
فكيف يُحرَّف ذلك إلى الظلمة والفسقة والجهلة ! من السلاطين والاُمراء ؟.
ثمّ استطرد الشوكاني في تكديس تلك الروايات التي احتجّ بها ابن حزمٍ وابن تيمية ، ولم يزدْ عليهم إلّا تكرار تُرهاتهم التي أبطلناها .
ويكفي للردّ على تلك الروايات وما فهمه هؤلاء الحَشْوِيَّة منها ، ما قام به سبط رسول اللَّه صلى الله عليه وآله الحسين عليه السلام وكذلك أهل المدينة على بني اُميّة ، وبقيام جماعة عظيمة

1.نيل الأوطار (۷ / ۳۵۶) ح ۳۱۸۱

2.لاحظ: مسند أحمد (۳/۴۴)

الصفحه من 88