الحشويّة الأميريّون - الصفحه 64

عدلاً أمّا لو أعطي إلى مَن لايصرفه في سبيل اللَّه، بل في الجور و الفسق، فلا بدّ أن يؤخذ الحقّ منهم .
والحديث لايحتوي على أن يُعطوا الحقّ للاُمراء، بل فيه: وجوب أداء الأمّة للحقّ الذي عليهم، وذلك بوضعها في مواضعها التي حدّدها اللَّه، وليس للولاة من الحقّ الواجب عليهم شي ءٌ لا في الكتاب ولا في السنّة ، فمن أن يقول ابن تيمية : «فأمرنا أن نؤتيهم الحقّ الذي لهم» !.
فأيّ حقّ هو لهم، وهم ظالمون فاسقون ؟ ومن أين صاروا أصحاب الحقّ وقد تغلّبوا على الأمر ، أو عيّنهم مَن هو المتغلّب عليه ؟
إلّا على أساس أنّ اللَّه وضعه لهم ، وهو الجبر بأفحش وأقبح أشكاله .
ثمّ ما معنى أمره أنْ نسأل اللَّه الحقّ الذي لنا؟ في مقابل الأمير الظالم؟ الذي هو الغاصب لحقوقنا .
ولماذ لايحقّ لنا أن نطالب حقوقنا من غاصبها والمعتدي عليها بطرقٍ متعارفة قضائيّة شرعيّة ، أو عرفيّة ، حتّى بغير قتالٍ .
وهل الإسلام يضيّع حقّ أحدٍ هكذا ؟ ويدعوه إلى السؤال من اللَّه ؟ أو أنّه قرّر له طرقاً في استيفاء الحقوق ، من ظالمها، وسمح له بإقامة الدعوى ، بل بأشدّ من ذلك ، كما يدلّ عليه قوله : «من قتل دون ماله فهو شهيد».
مع أنّ أخذ الحقّ بالدفاع والجهاد هو بالتالي من اللَّه وبرضاه .
وأمّا قول ابن تيمية : ولم يأذن في أخذ الحقّ بالقتال .
فهذا غير مذكور في الحديث ، وقد أضافه ابن تيمية على معنى الحديث، وهو محلّ النزاع ، وهو أوّل الكلام ، فكيف يدخله في الاستدلال ، وينسبه إلى النبيّ صلى الله عليه وآله ؟
إنّ واضع هذا الحديث جَمَعَ بينَ الجبريّة ، وتخضيع الناس للاُمراء، وتخلية جانب الاُمراء من المطالبة بحقّ ، بدهاءٍ ومكرٍ .
وزاد عليها ابن تيمية : عنصر الغباء والكذب ، وقصر النظر والفكر .

الصفحه من 88