دعواه العدل والإنصاف ، فإنّ الحركات المعارضة لاُولئك الولاة الظالمين الفاسدين ، تبقى أدلّةً واضحةً في جبين التاريخ ، للدلالة على صدق الدعاوي الإسلاميّة بأنّ الإسلام دين العدل والانصاف والاتّصاف بالتقوى والورع ، والزهد ، والإخلاص ، والفكر والنور والهدى ، وابتعاد الاُمراء عن الإسلام ، وبطلان دعواهم الانتساب إلى هذا الدين الإسلاميّ .
ولو لم يكن للحركات الخارجة على الولاة الظالمين ، إلّا هذه المصلحة ، لكفتْ لترجيح أمر الخروج والقتال ووجوبه على المسلمين .
وأمّا الدليل من السُنّة :
فبالرغم من ادّعاء ابن تيمية وجود أحاديث مستفيضة على دعواه : «كون قتال الاُمراء والفتنة ، أعظم فساداً من زوال ظُلمهم».
فإنّه لم يورد ، ولا حديثاً واحداً على ذلك . لأنه لايجد مثل هذا الحديث إطلاقاً ، وإلّا لملأبها كلامه الفارغ .
وإنْ كان يريد أن يُوهم أنّ الأحاديث التي سيذكرها بعد هذا ، تدلّ على هذا ، فهو مراوغٌ ، إذْ ليس فيها أدنى دلالة على ما يُريد ، كما سنبيّن مفصّلاً .
وأمّا ما ذكره من القرآن :
فهو يحرّف كلام اللَّه ويضعه في غير مواضعه :
1 - فهو يقول : واللَّه تعالى لم يأمر بقتال كُلّ ظالِمٍ وكلّ باغٍ ، كيفما كان ، ولاأمر بقتال الباغين ابتداءً .
وهذا كلامٌ زائدٌ في هذا المقام ، فإنّ المدّعى هو قتالُ المتّصف بالظُلم والبغي ، فلو ثبتَ ذلك في حقّه، وهو الظاهر من وصفه به ، كفى في تشريع قتاله ، كما هو صريح الآية : فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي)
والبحث إنّما هو في «جواز الخروج على الوُلاة الظالمين».
ثمّ إنّ ما ذكره ليس مجهولاً ، ولا خاصّاً بولاة المسلمين الظلمة ، بل حتّى الكفّار