والمقالات : قالَ الرِّضا عليه السلام لابنِ جَهمٍ : وأمّا داوودُ فما يَقولُ مَن قَبلَكُم فيهِ ؟ قالَ : يقولونَ : إنّ داوودَ كانَ يُصَلّي في مِحرابهِ إذ تَصَوَّرَ لَهُ إبليسُ على صُورةِ طَيرٍ أحسَنَ ما يكونُ مِن الطُّيورِ ، فقَطَعَ داوودُ صَلاتَهُ وقامَ يأخُذُ الطَّيرَ إلَى الدارِ فخَرَجَ في إثرِهِ فطارَ الطَّيرُ إلَى السَّطحِ ، فصَعِدَ في طَلَبِهِ فسَقَطَ الطَّيرُ في دارِ اُوريا ابنِ حَيّانَ ، فاطَّلَعَ داوودُ في إثرِ الطَّيرِ فإذا بامرأةِ اُوريا تَغتَسِلُ ، فلمّا نَظَرَ إلَيها هَواها وكانَ قد أخرَجَ اُوريا في بَعضِ غَزَواتِهِ ، فكَتَبَ إلى صاحِبِهِ أن قَدِّمْ اُوريا أمامَ التابوتِ ، فقَدَّمَ فظَفرَ اُوريا بالمُشركينَ فصَعُبَ ذلكَ على داوودَ ، فكَتَبَ إليهِ ثانيةً أن قدِّمْهُ أمامَ التابوتِ فقُدّمَ فقُتِلَ اُوريا، وتَزَوّجَ داوودُ بامرأتهِ.
قالَ : فضَرَبَ الرِّضا عليه السلام يَدَهُ على جَبهَتهِ وقالَ : إنّا للَّهِ وإنّا إلَيهِ راجِعونَ ! لَقَد نَسَبتُم نَبيّاً مِن أنبياءِ اللَّهِ إلَى التهاونِ بِصَلاتِهِ حتّى خَرَجَ في إثرِ الطَّيرِ ، ثُمَّ بالفاحِشَةِ ، ثُمّ بالقَتلِ !
فقالَ : يا ابنَ رسولِ اللَّهِ ، ما كانَت خَطيئتُهُ ؟ فقالَ : وَيحَكَ ! إنّ داوودَ عليه السلام إنّما ظَنَّ أنّهُ ما خَلَقَ اللَّهُ خَلقاً هو أعلَمُ مِنهُ ، فبَعَثَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ إلَيهِ المَلَكَينِ فسَوّرا المِحرابَ ، فقالَ : (خَصْمانِ بَغى بعْضُنا على بَعضٍ فاحْكُمْ بَينَنا بالحَقِّ ولا تشْطِطْ واهْدِنا إلى سَواءِ الصِّراطِ * إنّ هذا أخي لَهُ تِسْعٌ وتِسْعونَ نَعْجَةً ولي نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فقالَ اكفِلْنيها وعَزَّني في الخِطابِ)فعَجَّلَ داوودُ علَى المدّعى عليهِ فقالَ : (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إلى نِعاجِهِ)۱ ولم يَسألِ المُدَّعيَ البَيِّنَةَ على ذلكَ ، ولم يُقبِلْ علَى المُدَّعى علَيهِ فيقولُ لَهُ : ما تَقولُ ؟ فكانَ هذا خَطيئَةُ رَسمِ الحُكمِ لا ما ذَهَبتُم إلَيهِ ، ألا تَسمَعُ اللَّهَ عَزَّوجلَّ يَقولُ : (يا داوودُ إنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً في الأرْضِ فاحْكُمْ بَينَ النّاسِ بِالحَقِّ ...)۲إلى آخِرِ الآيةِ .
فقالَ : يا ابنَ رسولِ اللَّهِ ، قِصَّتُهُ مع اُوريا ؟ قالَ الرِّضا عليه السلام : إنّ المرأةَ في أيّامِ داوودَ كانَت إذا ماتَ بَعلُها أو قُتِلَ