على تأويل الآيات الظاهرة في وقوع الإعجاز وصرفها عن ظواهرها مادامت الحادثة ممكنةً ، بخلاف المحالات كانقسام الثلاثة بمتساويين وتولّد مولودٍ يكون أباً لنفسه ، فإنّه لا سبيل إلى جوازها.
نعم ، تختصّ بعض المعجزات كإحياء الموتى والمسخ ببحثٍ آخر ، فقد قيل : إنّه قد ثبت في محلّه أنّ الموجود الّذي له قوّة الكمال والفعليّة إذا خرج من القوّة إلَى الفعل فإنّه يستحيل بعد ذلك رجوعه إلَى القوّة ثانياً ، وكذلك كلُّ ما هو أكمل وجوداً فإنّه لايرجع في سيره الاستكماليّ إلى ما هو أنقص وجوداً منه من حيث هو كذلك . والإنسان بموته يتجرّد بنفسه عن المادّة فيعود موجوداً مجرّداً مثاليّاً أو عقليّاً ، وهاتان الرّتبتان فوق مرتبة المادّة ، والوجود فيهما أقوى من الوجود المادّيّ ، فمن المحال أن تتعلّق النّفس بعد موتها بالمادّة ثانياً ، وإلّا لزم رجوع الشيء إلى القوّة بعد خروجه إلَى الفعل وهو محال . وأيضاً : الإنسان أقوى وجوداً من سائر أنواع الحيوان ، فمن المحال أن يعود الإنسان شيئاً من سائر أنواع الحيوان بالمسخ .
أقول : ما ذكره من استحالة رجوع ما بالقوّة بعد خروجه إلَى الفعل إلَى القوّة ثانياً حقّ لا ريب فيه ، لكنّ عَود الميّت إلى حياته الدُّنيا ثانياً في الجملة وكذا المسخ ليسا من مصاديقه . بيان ذلك: أنّ المحصّل من الحسّ والبرهان أنّ الجوهر النباتيّ المادّيّ إذا وقعت في صراط الاستكمال الحيوانيّ فإنّه يتحرّك إلَى الحيوانيّة ، فيتصوّر بالصورة الحيوانيّة وهي صورة مجرّدة بالتجرّد البرزخيّ ، وحقيقتها إدراك الشيء نفسه بإدراك جزئيّ خياليّ ، وهذه الصورة وجود كامل للجوهر النباتيّ وفعليّة لهذه القوّة تلبّس بها بالحركة الجوهريّة ، ومن المحال أن ترجع يوماً إلَى الجوهر المادّيّ فتصير إيّاه إلّا أن