لَفَسدَتا)1، وعاد برهاناً على نفي تعدّد الأرباب والآلهة .
وقوله : (الحَمْدُ للَّهِ) ثناءٌ للَّه بما أنّ عبوديّته خيرٌ من عبوديّة من سواه .
وقوله : (بَلْ أكْثَرُهُم لايَعْلَمونَ) مزيّة عبادته على عبادة غيره على ما له من الظهور التامّ لمن له أدنى بصيرةٍ .2
قوله تعالى : (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلوكاً لا يَقْدِرُ على شَيءٍ...) إلى آخر الآية ، مافي الآية من المثل المضروب يفرض عبداً مملوكاً لا يقدر على شيءٍ ، وآخرَ رُزِق من اللَّه رزقاً حسناً ينفق منه سرّاً وجهراً ، ثمّ يسأل: هل يستويان ؟! واعتبار التقابل بين المفروضين يعطي أنّ كلّاً من الطرفين مقيّدٌ بخلاف ما في الآخر من الوصف، مع تبيين الأوصاف بعضها لبعضٍ .
فالعبد المفروض مملوكٌ غير مالكٍ لا لنفسِه ولا لشيءٍ من متاع الحياة، وهو غير قادرٍ علَى التصرّف في شيءٍ من المال ، والذي فرض قباله حرّ يملك نفسه وقد رزقه اللَّه رزقاً حسناً ، وهو ينفق منه سرّاً وجهراً على قدرة منه علَى التصرّف بجميع أقسامه .
وقوله : (هَلْ يَسْتَوونَ) سؤالٌ عن تساويهما ، ومن البديهيّ أنّ الجواب هو نفي التساوي . ويثبت به أنّ اللَّه سبحانه - وهو المالك لكلّ شيءٍ ، المنعم بجميع النِّعم - لايساوي شيئاً من خلقه، وهم لايملكون لا أنفسهم ولا غيرهم ، ولا يقدرون على شيءٍ من التصرّف ، فمن الباطل قولهم: إنّ مع اللَّه آلهةً غيره وهم من خلقه .
والتعبير بقوله : (يَسْتَوونَ) دون أن يُقال : يستويان ؛ للدلالة على أنّ المراد من ذلك الجنس من غير أن يختصّ بمولىً وعبد معيّنين كما قيل .
وقوله : (الحمدُ للَّهِ) أي له عزّ اسمه جنس الحمد وحقيقته ، وهو الثناء علَى الجميل الاختياريّ ؛ لأنّ جميل النعمة من عنده، ولا يُحمَد إلّا الجميل، فله تعالى كلّ الحمد كما أنّ له جنسه ، فافهم ذلك .
1.الأنبياء : ۲۲ .
2.الميزان في تفسير القرآن : ۱۷/۲۵۸ .