?الجواب:
حديث المَنْزِلَة هو قول رسول الله (صلَّى الله
عليه و آله) لعلي بن أبي طالب (عليه السَّلام): " أنت مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " و قد أدلى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديث المذكور في
المناسبات التالية:
1. يوم المؤاخاة [1] .
|
2. يوم بدر . |
3. يوم فتح خيبر . |
4. غزوة تبوك [2] . |
5. يوم المباهلة . |
6. حجة الوداع . |
7. يوم غدير خم .
|
|
|
القائلين
بتواتر حديث المَنْزِلة
قال بتواتر هذا الحديث عدد من العلماء منهم:
1. شمس
الدين الشافعي: أبو الخير شمس الدين محمد
بن محمد الجزري الشافعي المتوفى سنة: 833
هجرية في كتابه " أسنى المطالب " [3] .
2. التبريزي: محمد بن عبد الله الخطيب
التبريزي في كتابه " مشكاة المصابيح " [4]
.
3. السيوطي: جلال الدين بن عبد الرحمن بن
أبي بكر السيوطي في كتابه " قطف الأزهار
المتناثرة في الأخبار المتواترة " [5] .
4. المنصور بالله: الحسين بن أمير
المؤمنين المنصور بالله القاسم بن محمد
المتوفى سنة: 1050 هجرية في كتابه " هداية
العقول إلى غاية السؤول في علم الأصول"
[6] .
من رَوى
الحديث من المُحدثين
إن الذين رووا حديث المنْزِلة و ذكروه في
كتبهم يتجاوز عددهم الخمسين نذكر منهم على حسب
المثال ما يلي:
1. البخاري:
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل المتوفى
سنة: 256 ، في كتابه صحيح البخاري: حدثنا
شعبة عن سعد قال: سمعت إبراهيم بن سعد عن
أبيه قال: قال النبي (صلَّى الله عليه و
آله) لعلي: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة
هارون من موسى " [7] .
و أخرجه أيضا في موضع آخر من صحيحه: عن
مصعب بن سعد عن أبيه أن رسول الله (صلَّى
الله عليه و آله) خرج إلى تبوك و استخلف
عليا ، فقال: " أتخلفني في الصبيان و
النساء ؟ " قال: " ألا ترضى أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا ليس نبي
بعدي " [8] .
2. الترمذي: أبو عيسى محمد بن سورة
المتوفى سنة: 279 ، عن جابر بن عبد الله ،
أن النبي (صلَّى الله عليه و آله) قال
لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا
أنه لا نبي بعدي " .
قال: و روي عن سعيد بن المسيب عن سعد بن
أبي وقاص: أن النبي (صلَّى الله عليه و
آله) قال لعلي: " أنت مني بمنزلة هارون من
موسى إلا أنه لا نبي بعدي" [9] .
3. مسلم: أبو الحسين مسلم بن الحجاج
القشيري ، المتوفى سنة: 261 هجرية ، عن
عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال
رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) لعلي:
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه
لا نبي بعدي " [10] .
و أخرج الحديث بصيغ أخرى و من طرق عديدة .
4. الخوارزمي: الموفق بن أحمد بن محمد
المكي المتوفى سنة: 568 هجرية ، بالإسناد
إلى زيد بن أبي أوفى ، قال: لما آخى رسول
الله (صلَّى الله عليه و آله) بين أصحابه
، قال علي: " لقد ذهب روحي و أنقطع ظهري
حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ،
فإذا كان هذا من سخط عَليَّ فلك العتبى و
الكرامة ، فقال رسول الله (صلَّى الله
عليه و آله): " و الذي بعثني بالحق ما
أخرتك إلا لنفسي و أنت مني بمنزلة هارون
من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، و أنت أخي
و وارثي " قال و ما أرث منك يا نبي الله ؟
قال: " ما ورثه الأنبياء من قبلي " قال: و
ما هو ؟ قال: " كتاب ربهم و سنة نبيهم "
[11] .
5. الحاكم الحسكاني: عبيد الله بن عبد
الله بن أحمد المعروف بالحاكم الحسكاني من
أعلام القرن الخامس الهجري ، عن مجاهد في
قوله تعالى: {يا أيها الذين أمنوا} يعني
صدقوا بالتوحيد {أطيعوا الله} يعني في
فرائضه {وأطيعوا الرسول} يعني في سنته {
وأولي الأمر منكم} [12] قال: نزلت في
أمير المؤمنين حين خلّفه رسول الله (صلَّى
الله عليه و آله) بالمدينة ، فقال:
أتخلفني على النساء و الصبيان ؟ فقال: "
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى حين قال له: {اخْلُفْنِي فِي
قَوْمِي وَأَصْلِحْ} [13] " [14] .
6. أحمد بن حنبل: أبو عبد الله أحمد بن
حنبل بن هلال الشيباني ، المتوفى سنة: 241
هجرية ، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول
الله (صلَّى الله عليه و آله) لعلي: " أنت
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي " [15] .
و أيضا: عن أسماء بنت عميس أن رسول الله
(صلَّى الله عليه و آله) قال لعلي: " أنت
مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي " [16] .
و أيضا عن ابن عباس قال: قال النبي (صلَّى
الله عليه و آله) لعلي: " أما ترضى أن
تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك
لست بنبي ، إنه لا ينبغي أن أذهب إلا و
أنت خليفتي " [17] .
نقاط ذات
أهمية
ثم إن الباحث المُنْصف لا تخفى عليه صراحة هذا
الحديث في تبيين الأمور التالية:
1. منزلة
علي بن أبي طالب المتميزة .
2. أهليته لخلافة الرسول (صلَّى الله عليه
و آله) .
3. التصريح بأن منزلة الخلافة النبوية
باستثناء النبوة قد مُنحت لعلي (عليه
السَّلام) و مما يلقي الضوء على هذا
المعنى ما أورده أحمد بن حنبل في مسنده:
عن ابن عباس قال: قال النبي (صلَّى الله
عليه و آله) لعلي: " أما ترضى أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي ،
إنه لا ينبغي أن أذهب إلا و أنت خليفتي "
[18] .
4. التصريح بعمومية المنازل الثابتة
لهارون لعلي (عليه السَّلام) في هذا
الحديث ، و هذا ما يؤكد عليه الفهم العرفي
و اللغوي ، فلا يصح إعطاؤه مضمونا محدودا
، فالاستعمالات العربية و اللغوية تأبى
التخصيص في مثل هذه التعبيرات و الصيغ .
و على كل حال فان هذا الحديث يفيد أن جميع
المراتب و المنازل الثابته لهارون
المذكورة في الآيات القرآنية التالية:
قال الله عَزَّ و جَلَّ: {وَوَاعَدْنَا
مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً
وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ
مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و
قال مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي
فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ
سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} [19] .
و قال سبحانه و تعالى عن لسان موسى (عليه
السَّلام): {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا
مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ
بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي
} [20] .
أثبتها النبي (صلَّى الله عليه و آله)
لعلي (عليه السَّلام) ما عدا النبوة التي
كان يتحلى بها هارون و لكن النبي نفاها من
علي لكون رسول الله (صلَّى الله عليه و
آله) خاتم الأنبياء و آخر المرسلين ، و
لهذا سمي هذا الحديث بحديث عموم المنزلة ،
لأن منزلة الأخوة و الوزارة و الشركة في
أمر الرسالة و التبليغ و الدعوة و الخلافة
في القوم التي كانت لهارون ، أُثبتت عامة
لعلي (عليه السَّلام) في هذا الحديث .
الهوامش:
[1] مناقب علي
بن أبي طالب: 151 ، طبعة: جامعة المدرسين / قم
، إيران .
[2] كفاية الطالب: 212 ، طبعة: بيروت ، و
الطبقات الكبرى: 3 / 24 ، طبعة: دار الفكر /
بيروت ، و صحيح البخاري:6/309، حديث: 857 ،
طبعة دار القلم / بيروت .
[3] أسنى المطالب: 53 ، طبعة: طهران / إيران .
[4] مشكاة المصابيح: 3 / 1719 ، طبعة: المكتب
الإسلامي / بيروت .
[5] قطف الأزهار المتناثرة: 281 ، طبعة:
المكتب الإسلامي / بيروت .
[6] هداية العقول: 2 / 41 ، طبعة: صنعاء /
اليمن .
[7] صحيح البخاري: 5 / 81 ، حديث: 225 ، طبعة:
دار القلم / بيروت .
[8] صحيح البخاري: 6 / 309 ، حديث: 857 ، طبعة
دار القلم / بيروت .
[9] صحيح الترمذي: 5 / 640 _ 641 ، حديث: 3730
و 3731 ، طبعة: دار الكتاب العربي / بيروت .
[10] صحيح مسلم: 4 / 1870 ، حديث: 2404 ،
طبعة: دار إحياء التراث العربي / بيروت .
[11] مناقب علي بن أبي طالب: 151 ، طبعة:
جامعة المدرسين / قم ، إيران .
[12] سورة النساء (4) ، الآية: 59 .
[13] سورة الأعراف (7) ، الآية: 142 .
[14] شواهد التنزيل: 1 / 149 ، طبعة: منشورات
الأعلمي / بيروت .
[15] مسند أحمد بن حنبل: 3 / 32 ، طبعة: دار
صادر / بيروت .
[16] مسند أحمد بن حنبل: 6/ 369 و 438 ، طبعة:
دار صادر / بيروت .
[17] مسند أحمد بن حنبل: 1/ 331 ، طبعة: دار
صادر / بيروت .
[18] مسند أحمد بن حنبل: 1/ 331 ، طبعة: دار
صادر / بيروت .
[19] سورة الأعراف (7) ، الآية: 142 .
[20] سورة طه (20) ، الآيات: 29 / 32 .
|