مشيخة العيّاشيّ _ رحمه الله _
إعداد : مؤسسة البعثة،  قسم الدراسات الإسلامية
بسم الله الرّحمن الرّحيم 
 الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على أشرف مبعوث للعالمين ، نبينا محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين . 
 وبعد : 
 لا ريب أنّ البحث في حياة أصحاب المدونات الحديثية والكشف عن منزلتهم العلمية يعدّ من الركائز الأساسية لمعرفة تاريخ تدوين الحديث ، والاطمئنان إلى وثاقة الرجال الذين تصدّوا إلى هذه المسألة التي تعتبر على قدرٍ كبير من الأهمية والخطورة؛ لأنّها تتعلق بثاني أثافي الشريعة السمحة بعد كتاب الله . 
 وهذا البحث تناول واحداً من أفذاذ الطائفة الحقة وشخصياتها اللامعة في عالم الحديث والرجال ، وهو الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي ، وتصدّى لبيان منزلته العلمية وعطائه الفكري الزاخر ، الذي يتمثل في نحو مئتي مصنف تنبئ عن تضلّعه في الفقه والتفسير وعلم الحديث والدراية والتاريخ والعقائد والطب 
 والنجوم وغيرها . 
 وتضمنت هذه الدراسة تسليط الضوء على الأثر الوحيد الباقي من تصانيفه ، وهو كتاب التفسير ، الذي يعدّ إحدى الموسوعات الحديثية المتقدمة في التفسير بالمأثور من حديث النبي الأكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم وعترته المعصومين عليهم السّلام حيث ضمّ بين دفتيه 2722 حديثاً في التفسير من مقدمات التفسير إلى آخر سورة الكهف ، مع بيان اُسس المحاولة الجادّة لتكميل النقص الذي يعتري نسخه المتأخرة من حيث المتن والاسناد . 
 فمن حيث المتن تمّ استدراك 116 حديثاً موزّعة على 49 سورة ، من سورة مريم إلى آخر التفسير ، ومن حيث الاسناد تكفّل هذا البحث استقصاء أسانيد العياشي وطرقه إلى الرواة والأصحاب والمشايخ العظام باعتماد مصادر الحديث والرجال المعتبرة ، فكان عملاً مبتكراً حصيلته 333 إسناداً ، تغطي مساحة واسعة من مرويات التفسير ، وقد اصطلحنا على هذه الأسانيد اسم (مشيخة العياشي) وهي خطوة واسعة على طريق ازدياد الثقة بهذا الكتاب وجلالة مؤلفه ، ومعين ثرّ للمحدثين والمحققين والمتتبعين لطرق الحديث والاسناد ، فهذا أولاً التعريف بالشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي .