مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 240

يماثل قول العامة بشأن أحاديث البخاري ومسلم، ولا دليل عليه إلّا بعض القرائن التي صرّح المحدّث النوري بأنّها لا تنهض بذلك كما تقدّم.
لقد احتدم النقاش بين الأخباريين والاُصوليين حتّى بلغ ذروته في عصر العلمين البحراني والوحيد البهبهاني قدّس سرّهما ، وحاول كلّ فريقٍ مناقشة آراء الطرف الآخر وإثبات بطلانها، ويبدو من خلال مراجعة كلمات أقطاب الشيعة قبل ظهور الفكر الأخباري أن ما تبنّاه الاُصوليّون هو الصحيح، باعتباره من أكثر الأقوال قرباً من واقع الكتب الأربعة وانسجاماً مع مواقف الأعلام المتقدّمين من أحاديث الكافي.
وقد استدلّ بعضهم على ضرورة النظر في أحاديث الكافي بموقف الشيخ الصدوق (ت/ 381هـ ) المعاصر للشيخ الكليني، إذ ردّ بعض مرويّات الكافي ولم يفتِ بها وناقشها.
من ذلك حديث بُرَيْد بن معاوية في الكافي المرويّ في باب مَنْ أوصى إلى اثنين فينفرد كلّ واحدٍ منهما ببعض التركة ۱ .
فقد ردّه الشيخ الصدوق بعد أن أخرجه من كتاب الكافي، بقوله: «لستُ اُفتي بهذا الحديث، بل اُفتي بما عندي بخطّ الحسن بن علي [العسكري] عليه السّلام » ۲ .
والاستدلال بهذا الموقف غير تامٍّ؛ لأنّه لا يدلّ على أكثر من حصول التعارض بين حديث الكافي، وبين ما أفتى به الصدوق مما كان عنده بخطّ الإمام عليه السّلام .
والصدوق لم يطعن برواته وإنّما وجد معارضاً أقوى فعمل به، والتعارض لا يدلّ على وضع أحد المتعارضين، إذْ قد يكون المتروك منهما خرج تقيّةً، ونحو ذلك من الوجوه غير المنافية لدعوى الاطمئنان. ويدلّ عليه أنّ الشيخ الطوسي قد ردّ

1.فروع الكافي ۷ : ۴۹ / ۲ باب ۳۴ من كتاب الوصايا.

2.من لا يحضره الفقيه ۴ : ۱۵۱ / ۵۲۳ و۵۲۴ باب الرجلين يوصى إليهما فينفرد كلّ واحد منهما بنصف التركة.

الصفحه من 264