مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 184

فكان رضي الله عنه أوّل من دوّن الأحاديث مع تبويبها في الإسلام بعد أمير المؤمنين عليه السّلام الذي سبق الكلّ في تدوين أحاديث الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم في كتابه الصحيفة الجامعة، وهو من إملاء النبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم وخطّ الوصيّ عليه السّلام ، وقد اعتمد البخاري على صحيفة الإمام علي عليه السّلام في مواضع من صحيحه ۱ .
وبعد انتقال الرسول الأكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم إلى الرفيق الأعلى، استمرّ تدوين الأحاديث عند شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام كالأصبغ بن نُباتة، وسُليم بن قيس الهلالي، وعُبيد الله بن أبي رافع، وعليّ بن أبي رافع، ومحمّد بن قيس البجلي، وميثم التمّار ونظرائهم كما هو مفصّل في فهارس كتب الشيعة. دون أن تؤثّر عليه أوامر المنع التي اتّخذت صفتها الرسميّة بُعيد أحداث السقيفة، ولم يَعُقْ سيره ـ فيما بعد ـ التضييق الاُموي على مدرسة الإمام زين العابدين بعد استشهاد أبيه الإمام الحسين عليهما السّلام ، بل كان الأمر على خلاف ما كان متوقّعاً في ضُمور نشاط تلك المدرسة أو ركوده، إذ ظهرت على أيدي تلامذة الإمام السجّاد عليه السّلام جملة من المدوّنات الحديثيّة، من أمثال: مدوّنات جابر الجعفيّ، وأبان بن تَغْلِب، والحسين بن ثور بن الجهم، وزياد ابن المنذر وغيرهم.
ولمّا حلّ الانهيار بدولة معاوية التي أقامها على مبدأ البغي والعدوان وسفك الدم الحرام، وآلت إلى السقوط في أواخر عهد الإمام الباقر عليه السّلام ، وانشغل الأمويّون بسلطتهم، وَجَدَ الإمام الباقر عليه السّلام متنفّساً لنشر العلم والمعرفة، فاتّسعت حركة التدوين في عصره وعلى يده اتّساعاً كبيراً كما يظهر من مدوّنات تلامذته الكثيرة في فهرستي الشيخ الطوسيّ والنجاشيّ. ثم اتّسعت تلك الحركة العلمية اتّساعاً هائلاً بعد سقوط الدولة الأموية، وتولّى العباسيّين زمام الاُمور سنة (132هـ ) في عهد الإمام الصادق عليه السّلام .

1.صحيح البخاري ۱ : ۴۰ باب كتابة العلم، و۴ : ۲۸۹ باب اثم من تبرأ من مواليه.

الصفحه من 264