الإخاء (تفصیلی) - الصفحه 34

ضروب العلاقات الّتي تنشأ على أساس الغرور والعلوّ والمنافع الشخصيّة فمصيرها إلى البغضاء والعداء عاجلاً كان ذلك أم آجلاً :
«الْأَخِلَاءُ يَوْمَـئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ» . ۱

فلسفة البغض في اللّه عز و جل

أمّا بالنسبة إلى جواب السؤال الثاني ، فينبغي أن ننظر في البدء إلى معنى البغض في اللّه ، وما المقصود منه؟ إذا ما فُسّرت هذه المقولة بنحوٍ صحيح ، فستّتضح فلسفتها والمقصود منها بجلاء ، ممّا يغني عن أيّ توضيح مُسهب .
إنّ معنى البغض في اللّه ، أنّ المبغِض لا ينطوي على أيّ خصومة شخصية من المبغَض ، وأنّ موقف البغض الذي يلتزم به لا يقوم على أساس المنافع الشخصية ؛ إنّه يعاديه من أجل اللّه لا من أجل نفسه ، إذا هناك فرق جوهري بين البغض في اللّه ، والبغض من أجل الذات .
إنّ البغض من أجل الذات وبباعث تأمين المنافع الفردية والحزبية ، هو منشأ جميع ضروب الفتن والفساد ، وسبب كلّ دمار ، أمّا البغض من أجل اللّه فهو كالحبّ للّه ، منشأ جميع ضروب الخيرات والبركات ، وسبب كلّ جهود البناء والإعمار وما يعمّ من مظاهر الازدهار الفردية والاجتماعية .
بعبارة اُخرى ، إنّ البغض من أجل اللّه عداء من أجل تحقيق منافع الناس ، فعداء الإنسان للإنسان الآخر وبغضه له لا يعود بالنفع للّه سبحانه ؛ لأنّه الغنيّ المطلق ، ومن ثَمَّ فإنّ الإنسان والمجتمع الإنساني وحدهما ، هما اللذان يستفيدان من معطيات الحبّ في اللّه أو البغض في اللّه .

1.الزخرف : ۶۷ .

الصفحه من 98