منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 390

واضحا للنصّ، لا تأويلاً ترجيحيا كحال سواه .
وبهذا يمكن القول: إنّ الإمام الصادق في حكمه على تحديد موضع التيمّم بناءً على آية السرقة، كان مدركا ابتداءً موضع القطع ليد السارق، ولهذا أسّس عليه الحكم بإيراده آية السرقة تفسيرا ضمنيا لبيان موضع التيمّم في آية التيمّم الأُخرى، فاستعمل ـ والحال هذه ـ منهج تفسير القرآن بالقرآن في هذا الموضع، فكشف عن الدلالة وأزاح الإبهام بمهارة عالية .
وهنا لا بدّ من الإشارة إلى مسألة مهمّة في نطاق الحديث عن التأويل الذي توظّفه السنّة لبيان بعض ما أُبهم في النصّ القرآني، ألا وهي: «إنّ التأويل إذا كان صادرا عن المعصوم، فيعود التأويل تفسيرا ؛ لأنّه يكشف عن مراد اللّه تعالى ، وتكون دلالته في هذا الملحظ بالذات دلالة قطعية» ۱ ، إذ يخرج عن نطاق ظنّية الدلالة الملازمة لعملية التأويل ، وبهذا المنظور يعدّ تفسيرا ؛ لأنّه يوقف المتلقّي على معنىً مراد قد صدر من المعصوم عليه السلام .
أمّا إذا تأوّل أحد المفسّرين معنىً ما لنصٍّ قرآني، فإنّ الدلالة التأويلية التي يصل إليها ذلك المُفسّر ـ مهما بلغت قوّة دليله فيها ـ تبقى في حيز النطاق التأويلي، ولا تخرج إلى نطاق التفسير أبدا ؛ لأنّ سمة الظنّية تبقى مرادفة لهذه الدلالة التأويلية .

المطلب الثالث : بيان إبهام لفظة «الأبصار» للّه تعالى

وفي موضعٍ آخر من الكافي نجد أنّ الكليني قد وظّف رواية تفسيرية للإمام الصادق عليه السلام ذكر فيها بيان معنى «الأبصار»، في قوله تعالى: «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ»۲ ، إذ القارئ لهذه الآية يخطر في باله تبادرا أنّ دلالة «الأبصار» فيها منصبّة على معنى البصر (الحاسّة المعروفة)، فيكون المعنى أنّ اللّه

1.المبادئ العامّة لتفسير القرآن الكريم ضمن كتاب (دراسات قرآنية) : ص ۲۳.

2.الأنعام : ۱۰۳.

صفحه از 406