وقال الخطّابي : المعنى أنّ ذو الحجّة لا ينقص من رمضان ؛ لأنّ فيه المناسك . ۱
باب
يذكر فيه ما يدلّ على اعتبار العدّة بالمعنى الأوّل.
قد سبق قوله في مرسل محمّد بن إسماعيل : «خلق اللّه الدنيا في ستّة أيّام ، ثمّ اختزلها عن أيّام السنة» ، إشارة إلى قوله سبحانه : «خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ»۲ ، والمراد بالستّة في قوله : «ثمّ اختزلها عن أيّام السنة» السنة الحاصلة من الشهور الشمسيّة الاصطلاحيّة ، وهي ثلاثين ثلاثين كما ستعرف .
وفي قوله : «فالسنة ثلاثمئة وأربعة وخمسون يوما» السنة القمرية ، والغرض أنّ السنة القمرية ينبغي أن تكون ثلاثمئة وأربعة وستّين يوما على أن يكون سير القمر في كلّ دورة ثلاثين كما اعتبره المتأخّرون من أهل التنجيم ، وستعرف .
لكنّ اللّه سبحانه أجراه بقدرته الكاملة وحكمته الشاملة بحيث يقطع الدورة دائما في تسعة وعشرين يوما ونصف يوم ودقيقة واحدة وخمس ثانية إذا جُزّئ يوم بليلته بستّين دقيقة ، وكلّ دقيقة بستّين ثانية ، وإذا حسبت على ذلك الشهور الاثني عشر وجدته ثلاثمئة وأربعة وخمسين يوما واثنتين وعشرين دقيقة ، ولمّا كان الكسر أقلّ من النصف لم يعتبره عليه السلام ۳ هناك وحكم باختزال ستّة أيّام ، وسيأتي أنّه يعتبره في الكبس وما ذكره عليه السلام من كون شعبان ناقصا أبدا في غير السنة الكبيسيّة .
وقالوا : المحرّم تامّ ، وصفر ناقص ، والربيع الأوّل تامّ ، والربيع الآخر ناقص ، وجمادى الأوّل تامّ ، و جمادى الثانية ناقص أبدا ، ورجب تامّ ، و شعبان ناقص ، ورمضان تامّ ، وشوّال ناقص ، وذو القعدة تامّ ، وذو الحجّة ناقص أبدا .
1.المجموع للنووي ، ج ۶ ، ص ۲۷۰ ؛ شرح صحيح مسلم له أيضا ، ج ۷ ، ص ۱۹۹ ؛ عمدة القاري ، ج ۱۰ ، ص ۲۸۵ .
2.يونس (۱۰) : ۳. وهذا الحديث هو الحديث الثاني من الباب المتقدّم .
3.هذا هو الظاهر ، وفي الأصل : «ولم يعتبره» .