باب أنّ الصدقة تدفع البلاء
الأخبار فيه متكاثرة وتشهد له التجربة والعيان.
قوله في خبر سالم بن مكرم: (قال مرّ يهودي بالنبيّ صلى الله عليه و آله ) إلى آخره. [ح3/6013] قال طاب ثراه:
فإن قيل: يلزم من ذلك كذب النبيّ صلى الله عليه و آله . قلت: كلّا، فإنّ قوله صلى الله عليه و آله : «إنّ هذا اليهودي يعضّه أسود في قفاه فيقتله» من كلامه تعالى أوحاه إليه وأمره بالتبليغ؛ لقوله تعالى: «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَي * إِنْ هُوَ إِلَا وَحْىٌ يُوحَى» ، ۱ وهذا الكلام في علم اللّه تعالى مقيّد بشرطٍ، هو عدم التصدّق، فهو صادق كصدق سائر الشرطيّات، والمبلِّغ أيضاً صادق؛ لأنّه مأمور من قبله تعالى بالتبليغ، وإنّما يكون كاذباً لو لم يُؤمر بالتبليغ من قبله تعالى، فيبلّغه من قبله.
نعم، فيه دلالة على أنّه صلى الله عليه و آله لم يكن عالماً ببعض أسرار القضاء والقدر. ۲
قوله في مرسلة عليّ بن أسباط: (قلت: ويل الآخر) . [ح9/6019] قال طاب ثراه: «ويل الآخر بمعنى ويلك، أعدل عن الخطاب إلى لفظ الآخر؛ رعايةً للمخاطب، وهو من قاعدة العرب في ويلك». ۳
باب فضل صدقة السرّ
قال [والدي] طاب ثراه:
دلّ أخبار الباب على أنّ الصدقة على الإطلاق ـ سواء كانت مندوبة أو فريضة ـ في السرّ أفضل، وبه قال بعض الأصحاب.
ويؤيّدها أنّها أقرب إلى القربة وأبعد عن الرياء والسمعة وإحقار الفقير.
وقيل: هذا إن لم تتّهم بترك الصدقات، وإلّا فالأفضل الجهر لدفع التهمة، وكذا إن علم أنّ للناس به اُسوة في أداء الصدقات.
وقيل: هذا في المندوبة، وأمّا الفريضة فهي في الجهر أفضل. ۴
وقد سبق في الباب الأوّل من أبواب الزكاة ما يدلّ على هذا التفصيل.
وقال في قوله عليه السلام : «وكذلك واللّه العبادة في السرّ أفضل منها في العلانية» في خبر عمّار ۵ : «دلَّ على أنّ العبادة على الإطلاق في السرّ أفضل، ولعلّ المراد بها النافلة؛ إذ الفريضة في المسجد بل الجماعة أفضل عن الرياء والسمعة».
1.النجم(۵۳): ۳ ـ ۴.
2.شرح اُصول الكافي للمولى صالح المازندراني ، ج ۴ ، ص ۲۴۶ ـ ۲۴۷.
3.لم أعثر عليه . وانظر: مجمع البحرين ، ج ۴ ، ص ۵۶۹ (ويل).
4.شرح اُصول الكافي ، ج۶ ، ص ۲۴۰.
5.الكافي ، أبواب الصدقة من كتاب الزكاة ، باب صدقة الليل ، ح ۲.