89
البضاعة المزجاة المجلد الثانی

أو الشرّ .
ومنها رفع العجب عنه بفعل المعصية، ولو لا ذلك لما صدر عنه ، فربّما يدخله العجب .
ومنها الرجوع إليه تعالى وطلب حفظه عنها . ومنها تولّد المؤمن من الكافر وبالعكس . ۱
وقوله : (أخذ بيده) أي بقدرته، أو بيد من أمره من الملائكة ، أو هو استعارة تمثيليّة .
(فعركها عَرْكا شديدا) .
الضمير للطينة المفهومة من الأرض والماء . والعَرْك: الدلك .
وقوله : (جميعا) أي الطينتين معا من غير أن يفرّقهما قبل الدلك؛ ليكمل بذلك التيامهما، ويشتدّ ارتباطهما .
(ثمّ فرّقها فرقتين) .
في القاموس:
فرق بينهما فَرْقا وفُرقانا، بالضمّ: فصل. و «فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ»۲ أي يُقضى . «وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ»۳ : فلقناه . «وَقُرْآنا فَرَقْنَاهُ»۴ : فصّلناه وأحكمناه . وفرّقه تفريقا وتفرِقةً: بدّده، وأخذ حقّه بالتفاريق . ۵
وقوله : (مثلُ عُنُق الذرّ) ؛ يعني في الصِّغر، والحركة، أو في الهيئة أيضا . والعُنق، بالضمّ وبضمّتين: الطائفة، والجماعة من الناس .
(فأخذ عنق إلى الجنّة، وعنق إلى النار) .
لعلّ المراد أخذ أسباب الوصول إليها . وقال الفاضل الإسترآبادي :
يعني أمر اللّه تعالى الحِصّة التي كانت مبلولة بالماء العذب أن تفارق الحصّة التي كانت مبلولة بالماء المالح، وأن يصير كلّ واحدةٍ منهما قِطَعا صِغارا في هيئة الذرّ ، ليكون كلّ قطعة بدنا لروح مخصوصة من الأرواح التي قالوا يوم الميثاق : «بَلى»

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۴۱ .

2.الدخان (۴۴) : ۴ .

3.البقرة (۲) : ۵۰ .

4.الإسراء (۱۷) : ۱۰۶ .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۷۴ - ۲۷۶ (فرق) مع التلخيص .


البضاعة المزجاة المجلد الثانی
88

ويُراد بها غير المذكورة أوّلاً ، والصخرة على الثور ، وأن يكون بين الثور والثرى في الأوّل واسطة محذوفة، وهي الهواء . ۱

متن الحديث السادس والخمسين

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَحَدِهِمَا عليهماالسلام، قَالَ:«إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ خَلَقَ الْأَرْضَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهَا الْمَاءَ الْمَالِحَ أَرْبَعِينَ صَبَاحا، وَالْمَاءَ الْعَذْبَ أَرْبَعِينَ صَبَاحا، حَتّى إِذَا الْتَقَتْ وَاخْتَلَطَتْ أَخَذَ بِيَدِهِ قَبْضَةً، فَعَرَكَهَا عَرْكا شَدِيدا جَمِيعا، ثُمَّ فَرَّقَهَا فِرْقَتَيْنِ، فَخَرَجَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عُنُقٌ مِثْلُ عُنُقِ الذَّرِّ، فَأَخَذَ عُنُقٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَعُنُقٌ إِلَى النَّارِ».

شرح

السند حسن .
قوله : (إنّ اللّه خلق الأرض).
قيل : لمّا دلّت الروايات المذكورة في كتاب الإيمان والكفر على أنّه تعالى خلق الإنسان من طينتين: طينة جنّة، وطينة سجّين، لم يبعد أن يُراد بالأرض هنا قطعة مختلطة من هاتين الطينتين. ۲ وأنت خبير بعدم الداعي إلى هذا التوجيه هنا .
(ثمّ أرسل) إلى آخره .
قيل :
إرسال الماء عليها على هذا النهج للخلط بين الطينتين، وتخميرها بالماءين، وفيه فوائد كثيرة : منها حصول القدرة على الضدّين ، ومنها حصول الارتباط بين المؤمن والكافر، والصالح والفاجر ، ولولا ذلك لما أمكن تعيّش المؤمنين والصالحين بين الكافرين والفاجرين .
ومنها كون المؤمن دائما بين الخوف والرجاء، حيث لا يعلم أنّ الغالب فيه الخير

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۴۰ و ۴۴۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۴۴۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 154592
صفحه از 624
پرینت  ارسال به