53
نَهجُ الذِّكر ج2

يَكفِيَهُ . 1
وعلى هذا فإنّ الشخص الوحيد الذي يُجري هذا الذكر الشريف على لسانه بشكل حقيقي هو الذي يوظف جميع قدرته في السبيل الذي يريده اللّه ـ سبحانه ـ ، على أن يكون اللّه معتمَدَه الأصلي في الوصول إلى الهدف ، لأنّه المدبّر الحقيقي ومسبّب الأسباب .
وبعبارة اُخرى ، فإنّ الشخص الوحيد الذي يليق به قول «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه » هو الذي بلغ مرتبة التوحيد الأفعالي ، فما لم يصل هذه الدرجة من التوحيد لا يمكنه أن يسلب عن نفسه القدرة بشكل مطلق وينسبها إلى اللّه ـ جلّ وعلا ـ .

2 . الاستثناء ۲ بالمشيئة الإلهيّة

الشخص الذي بلغ مرحلة التوحيد الأفعالي يرى القيام بأيّ عمل رهينا بالإرادة والمشيئة الإلهيتين ، لذلك يقتضي أدب العبودية أن ينيط الشخص الموحّد القيام بالعمل بالمشيئة الإلهيّة عندما يريد أن يخبر بأنّه ينوي القيام به وقد وردت الإشارة إلى هذا الأدب في القرآن الكريم :
«وَ لَا تَقُولَنَّ لِشَىْ ءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَ لِكَ غَدًا * إِلَا أَن يَشَآءَ اللَّهُ»۳ .
كما يرى رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلحاق الاستثناء بمطلق الكلام علامة على كمال الإيمان ، وهو التوحيد في الأفعال ، حيث نقل عنه صلى الله عليه و آله :
إنَّ مِن إتمامِ إيمانِ العَبدِ أن يَستَثنِيَ في كُلِّ حَديثٍ .۴
وقد ورد فيأحاديث أهل البيت عليهم السلام تأكيدُ إلحاق الاستثناء في الكتابة أيضا . ۵

1.راجع : ص ۵۷ ح ۱۶۷۴ .

2.الاستثناء بمشيئة اللّه في عرف الشريعة والمتشرّعين هو قول عبارة «إن شاء اللّه » وقد أُخذ هذا المصطلح من الآية ۲۳ و ۲۴ في سورة الكهف : «وَ لَا تَقُولَنَّ لِشَىْ ءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَ لِكَ غَدًا* إِلَا أَن يَشَآءَ اللَّهُ» .

3.الكهف : ۲۳ و ۲۴ .

4.راجع : ص ۹۷ ح ۱۷۸۶ .

5.راجع : ص ۱۰۰ (الاستثناء في الكتاب) .


نَهجُ الذِّكر ج2
52

1 . معاني «الحوقلة»

لقد فسّر هذا الذكر في الأحاديث بثلاثة أشكال :
التفسير الأوّل يتمثّل في أنّ اللّه هو مصدر قدرة الإنسان وقوته وأنّه لا يستطيع دون المساعدة الإلهيّة أن يمتنع عن معصية اللّه ـ سبحانه ـ ولا يستطيع أيضا أن يطيع أوامره ، وهذا هو نص الحديث النبوي في هذا المجال :
لا حَولَ 1 عَن مَعصِيَةِ اللّهِ إلّا بِقُوَّةِ اللّهِ ، ولا قُوَّةَ عَلى طاعَةِ اللّهِ إلّا بِعَونِ اللّهِ . 2
التفسير الثاني ل «الحوقلة» هو سلب الملكية العرضية عن الإنسان في جميع الاُمور سواء الأفعال ، أم الأملاك ، بمعنى أنّ ملكية الإنسان هي في طول ملكية اللّه ـ تعالى ـ لا في عرضها ، وهو في الملكية الطولية أولى بالملكية من الإنسان ، لأنّ ملكية الإنسان مرتبطة بالمشيئة الإلهيّة حدوثا و بقاءً ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام في بيان معنى «الحوقلة» :
إنّا لا نَملِكُ مَعَ اللّهِ شَيئا ، ولا نَملِكُ إلّا ما مَلَّكَنا ، فَمَتى مَلَّكَنا ما هُوَ أملَكُ بِهِ مِنّا كَلَّفَنا ، ومَتى أخَذَهُ مِنّا وَضَعَ تَكليفَهُ عَنّا . 3
وأمّا التفسير الثالث فهو تفسير باللازم ، بمعنى أنّ الإنسان عندما يؤمن بأنّ قدرته وملكيته في طول القدرة والملكية الإلهيّة وأنّه لا يقدر أحد فعل أي شيء من دون الإرادة التكوينية للّه ـ عزّوجلّ ـ ، وأنّ اللّه أقوى وأحسن فاعل ، فإنّه سيوكل كلّ أعماله إليه كما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
إذا قالَ العَبدُ : «لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللّهِ» فَقَد فَوَّضَ أمرَهُ إلَى اللّهِ ، وحَقٌّ عَلَى اللّهِ أن

1.الفرق بين الحول والقوّة : قيل : الحول : القدرة على التصرّف، والقوّة : مبدأ الأفعال الشاقّة . وروي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في تفسير «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه » أنّ المعنى لا حائل عن المعاصي ولا قوّة على الطاعات إلّا باللّه ، أي باستعانته وتوفيقه (معجم الفروق اللغويّة : ص ۲۰۴) .

2.راجع : ص ۵۵ ح ۱۶۶۷ .

3.راجع : ص ۵۷ ح ۱۶۷۳ .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دار الحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1386
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108241
صفحه از 679
پرینت  ارسال به