11
رسائل في دراية الحديث ج1

تمهيد

علم دراية الحديث

يعتبر علم الحديث من أهمّ العلوم الإسلاميّة منزلةً وفضلاً ، وأوفرها سهما في تدوين الثقافة الدينية والحضارة الإسلاميّة بعد القرآن وعلومه . وليس ثمّة شكّ أنّ استنباط الأحكام الشرعية في المذهب الشيعي قائم على أساس الأحاديث المنقولة عن المعصومين عليهم السلام .
وانطلاقا من هذه الرؤية ، ولغرض تحقيق الفائدة المثلى من المصادر الحديثية في سبيل نيل الغاية الآنف ذكرها ، لا يبقى ثمّة مناص من صبّ الجهود على علوم الحديث ، لكي يتسنّى عند الرجوع إلى الأحاديث فرز سليمها من سقيمها ، وإدراك الغاية الحقيقية الّتي كان ينشدها المعصومون عليهم السلام .
وقد اهتمّ فقهاء الشيعة ومحدّثوهم بعلوم الحديث غاية الاهتمام ، وأكّدوا على فضيلتها وعظيم مكانتها ، وهذا ما نرى معالمه بارزة في بعض أقوالهم ؛ فقد كتب الشهيد الثاني في هذا المجال ما يلي :
«وأمّا علم الحديث فهو أجلّ العلوم قدرا ، وأعلاها رتبة ، وأعظمها مثوبة ، بعد القرآن .. . وهو ضربان : رواية ودراية .. . والثاني هو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق . وهو علم يعرف به معاني ما ذكر ، ومتنه وطرقه ، وصحيحه وسقيمه ، وما يُحتاج إليه من شروط الرواية وأصناف المرويّات ؛ وليعرف المقبول منه والمردود ؛ ليعمل به أو


رسائل في دراية الحديث ج1
10

وقال الصادق عليه السلام : «حديث تدريه خير من ألف ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتّى يعرف معاريض كلامنا، وإنّ الكلمة من كلامنا لتنصرف إلى سبعين وجهاً» .
وانطلاقاً مما سبق ذكره ألّف علماء الشيعة كتباً كثيرة، ورسائل وفيرة في هذا المجال، ورسخوا بذلك أُسس استنباط الأحكام الالهيّة والإسلاميّة وخلّفوا تراثاً حديثياً هائلاً وكنزا ثمينا من هذه المعارف، حتّى أنّه غدا يصعب على الباحث أن يحيط بكلّ من ألّف وكلّ ما أُلّف.
ومن المؤسف أنّ كثيراً من آثارهم مفقود، أو مجهول،أو طبع غير محقّق ومغلوط وكثيراً منها مخطوط على رفوف المكتبات العامّة والخاصّة، بعيدة عن أيدي الباحثين والطلاّب.
هذا ، وقد عزم مركز أبحاث دار الحديث، على تحقيق ما تيسّر له من ميراث الشيعة في هذا المضمار. ولهذا السبب ركّز اهتمامه أوّلاً على التعرّف على الآثار الشيعيّة المكتوبة ـ سواء كانت كتباً أو رسائل أو مقالات ـ والتعريف بها، ثمّ المبادرة بعد ذلك إلى نشرها على هيئة كتب مستقلّة. ويجري العمل حالياً على تحقيق ونشر رسائل مهمّة ممّا كان قد ألّفه علماء الشيعة في هذا الحقل.
يضمّ الكتاب الذي بين أيديكم مسرداً بجميع الآثار المكتوبة في علم الدراية، إضافة إلى مجموعة من أهمّ الرسائل التي أُلّفت في هذا المضمار. ويضمّ هذا المجلد بين دفّتيه أربع رسائل أصيلة ومهمّة. وستعرض رسائل أُخرى في مجلّدات تُفرد لها.
تمّ تحقيق هذه الآثار من قبل باحثين أفاضل في الحوزة العلمية. وانتهى العمل من جمع ووصف مصنّفات الشيعة في الدراية، وانجزت كذلك مهمة الاعداد والتنسيق والترتيب اللازم من قبل الشيخ الفاضل سماحة حجة الإسلام أبو الفضل حافظيان، بالتعاون مع الباحث البارع سماحة حجّة الإسلام والمسلمين علي أوسط ناطقي.
ولهذا لا يسعنا إلاّ أن نقدّم جزيل شكرنا لهذين الباحثين العزيزين وسائر المحقّقين الأعزّاء. ونسأل اللّه تعالى أن يتقبّل منهم ومنّا ، ويجعل هذا الجهد ذخراً لهم ولنا يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إنّه سميع الدعاء.
قسم إحياء التراث
مركز بحوث دارالحديث
ربيع الأوّل 1424
محمّد حسين الدرايتي

  • نام منبع :
    رسائل في دراية الحديث ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    ناطقی، علی اوسط؛ درایتی، محمد حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1383
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110464
صفحه از 616
پرینت  ارسال به