61
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
60

ثالثا ـ أعلام ورواة الشيعة وحملة أحاديثهم:

وهناك مجموعة اُخرى من الشيعة الرازيين أصلاً أو سكنا أسهموا وبشكل كبير في تطوير الحركة الفكرية والثقافية في الريّ ، وذلك عن طريق إشاعة فكر أهل البيت عليهم السلام في مختلف الجوانب الثقافية والعلمية والمعرفية ، لاسيّما في مجالات العلوم الشرعية من حديث وفقه وتفسير وكلام وغيرها. وقد احتضنت كتب الشيعة أسماء كثيرة منهم سنقتصر على بعضهم ، وهم :
إبراهيم بن عبداللّه ، أبو إسحاق القاضي الرازي ۱ ، وأبو الطيّب الرازي المتكلّم صاحب الكتب الكثيرة في الإمامة والفقه، وله كتاب زيارة الإمام الرضا، وفضله، ومعجزاته عليه السلام ۲ ، وأبو عبداللّه الرازي ۳ ، وأبو محمّد الرازي ۴ ، وأحمد بن الحسن الرازي أبو علي ۵ من معاصري ثقة الإسلام، وأحمد بن الحسن القطّان، وكان شيخا لأصحاب الحديث ببلد الريّ ، ويعرف بأبي علي بن عبد ربِّه، وكان من معاصري ثقة الإسلام ومن طبقته وشيخا لابن بابويه الصدوق ۶ ، وأحمد بن محمّد أبو الحسن الصقر الصائغ العدل الرازي، وهو أيضا من معاصري الكليني وأحد مشايخ الصدوق ۷ ، وأحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي الثقة القريب من عصر الكليني، ذكره النجاشي في ترجمة ابنه الحسن بن أحمد بن محمّد الثقة، وقال: أبوه وجدّه ثقتان، وهم من أهل الريّ ، وذكر له: كتاب المثاني، وكتاب الجامع ۸ ، وجعفر بن محمّد بن أبي زيد الرازي ۹ ، وجعفر بن يحيى بن العلاء الرازي، أبو محمّد الثقة المشهور ۱۰ ، والحسين بن أحمد بن محمّد الرازي من طبقة صاحب الكافي الشريف، ومشايخ ابن بابويه الصدوق ۱۱ ، وعبداللّه بن أحمد الرازي ۱۲ ، وعلي بن أحمد بن علي الخزّاز، أبو الحسن المتكلّم، الجليل، نزيل الريّ ۱۳ ، وعلي بن سليمان الرازي ۱۴ ، وعلي بن العبّاس الرازي ۱۵ ، وعلي بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الكليني الرازي، المعروف بعلّان الثقة الدَيِّن، أحد مشايخ الكليني رحمه الله، والقاسم بن محمّد الرازي وهو من قدماء المشايخ، روى عن الإمام الحسين عليه السلام بواسطة واحدة ۱۶ ، ومحمّد بن أحمد، أبو عبداللّه الرازي ۱۷ ، ومحمّد بن أحمد بن محمّد بن سنان الزاهري نزيل الريّ ، أحد تلامذة الكليني ومشايخ الصدوق، ومحمّد بن أحمد بن عبداللّه الرازي، روى عنه مشايخ الكليني كأحمد بن إدريس أبي علي الأشعري القمّي، وغيره، وهو المعروف بالجاموراني ۱۸ ، ومحمّد بن إسماعيل البرمكي الرازي ۱۹ ، ومحمّد بن الحسن الطائي الرازي أحد مشايخ ثقة الإسلام، ومحمّد بن عبداللّه الرازي ۲۰ ، ومحمّد بن عبدالرحمن بن قبة، أبو جعفر الرازي المتكلّم، الفحل في زمانه، وصاحب القدر العظيم والعقيدة الحسنة، وكان من معتزلة الريّ ، ثمّ تبصّر وانتقل إلى التشيّع، وهو من معاصري ثقة الإسلام الكليني رحمه الله، ألّف وكتب في الكلام، وسمع الحديث، ومن كتبه: كتاب الإنصاف في الإمامة، وكتاب المستثبت، نقض فيه كتاب أبي القاسم البلخي، وكتاب الردّ على الزيدية، وكتاب الرد على أبي علي الجبّائي المعتزلي، وغيرها ۲۱ ، ومحمّد بن الهيثم العجلي الرازي الثقة، ذكره النجاشي في ترجمة حفيده الحسن بن أحمد بن محمّد ووثّقه وأباه وجدّه معه ۲۲ ، ومحمّد بن يوسف الرازي، وكان من القرّاء من أهل الريّ ، روى عنه ابن عقدة الحافظ الزيدي الجارودي شيخ ثقة الإسلام الكليني طاب ثراه ۲۳ ، ومنصور بن العبّاس، أبو الحسين الرازي، سكن بغداد، وله من الكتب كتاب نوادر كبير، وهو من طبقة مشايخ الكليني ۲۴ ، ويحيى بن محمّد، أبو زكريا الرازي ۲۵ ، ويحيى بن محمّد بن سديد الرازي ۲۶ ، ويعقوب بن يوسف الفقيه، وكان من شيوخ أهل الريّ وهو من معاصري ثقة الإسلام الكليني ومشايخ ابن بابويه الصدوق ۲۷ ، وغيرهم ممّا لا مجال لاستقصائهم. وقد تبيّن أنّهم ما بين مؤلّفٍ، ومتكلّم، ومحدّث، وفقيه. الأمر الذي يفسّر لنا جانبا من أسباب ازدهار الفكر الشيعي في الموطن الذي احتضن الكافي الشريف ومؤلّفه زمانا ومكانا.
ومن الملفت للنظر هو أنّ رجال الحركة الفكرية من الرازيين الشيعة لم ينحصر وجودهم في تلك المدينة (الريّ) وإنّما كانوا بوفرة في القرى المجاورة لها، لاسيّما (كلين) تلك القرية التي نشأ بها ثقة الإسلام الكليني؛ حيث خرّجت تلك القرية الصغيرة التابعة للريّ ـ والتي لم تزل قائمة إلى اليوم ـ الكثير من أعلام الحركة الفكرية، وفيهم من تلقّى الكليني علومه الاُولى منهم، وسيأتي ذكرهم عند الحديث عن اُسرة الكليني ونشأته.
السبب الثاني: قرب الريّ من حصن التشيّع المنيع (قم)، تلك المدينة التي مصّرها عرب الأشاعرة من الشيعة، وأوّل من سكنها منهم سعد بن مالك بن الأحوص بن الصحابي المعروف بالسائب بن مالك الأشعري ۲۸ ، وكان ذلك في زمان الدولة الأموية، وتحديدا في عصر الإمام الباقر عليه السلام كما يظهر من طبقة سعد بن مالك. وهذا القرب القريب من الكثافة الشيعية وجودا وفكرا وعطاءً مهّد للتشيّع الطريق لأن يجد له مكانا في الريّ .
السبب الثالث: قيام الانتفاضات والثورات العلوية المتعاقبة في بلاد فارس ضدّ الحكم الأموي ثمّ العبّاسي، وقد امتدّ بعضها ليشمل الريّ نفسها ممّا أسهم ذلك بتخفيف ما كان يعانيه شيعة الريّ من ضغوط سياسية وطائفية إلى حدٍّ كبير، هذا فضلاً عن دور تلك الإنتفاضات والثورات في ترسيخ الخطّ الشيعي المعبّر عن الإسلام بكلّ تفاصيله في تلك البلاد؛ خصوصا بعد تمكّن العلويين من إنشاء دولتهم في الطالقان التي امتدّ نفوذها إلى الريّ بعد (سنة/250 ه )، وقيام تلك الدولة بتعيين ولاةً أكفّاء على الريّ أحسنوا إدارتها، نظير السيّد العلوي أحمد بن عيسى بن علي بن الحسين الأصغر الذي كان أميرا على الريّ من قبل الحسين بن زيد (سنة / 270 ه )، وكان أحمد هذا عالما، راويا للحديث، وفقيها كبيرا ۲۹ .
ولمّا جاء دور أبي الحسن أحمد بن الحسن المادرائي الذي سيطر على الريّ (سنة / 275ه ) انتعش التشيّع كثيرا، وأخذ نجم خصومه بالاُفول، واضمحلّ وجوده بلا تعسّف أو إكراه، وفي هذا يحدّثنا الحموي فيقول:
«وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة، إلى أن تغلّب أحمد بن الحسن المارداني [المادرائي ]عليها، فأظهر التشيّع وأكرم أهله، فتقرّب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك، فصنّف له عبدالرحمن بن أبي حاتم كتابا في فضائل أهل البيت [ عليهم السلام ]، وغيره. وكان ذلك في أيّام المعتمد، وتغلّبه عليها في (سنة / 275 ه ) ـ إلى أن قال ـ : وأظهر التشيّع بها، واستمرّ إلى الآن» ۳۰ .
وقال بمرارة وهو يصف امتداد التشيّع السريع في الريّ بعد ذلك التاريخ:
«وكان أهل الريّ ثلاث طوائف: شافعيّة وهم الأقلّ، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم؛ لأنّ أهل البلد كان نصفهم شيعة، وأمّا أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة، وقليل من الحنفيين، ولم يكن فيهم من الشافعية أحد» ۳۱ .
السبب الرابع: عدم خضوع الريّ إلى سيطرة حكم معيّن واحد، حتى يحكم القبضة على اتّجاهاتها الفكرية بما يخدم إيديولوجيّته، وإنّما تعاقبت على حكمها في أواخر الدولة الأموية والدولة العبّاسية وصولاً إلى زمان الكليني عِدّة دويلات محلّية، انشغلت إلى حدٍّ كبير بمحاولات تثبيت أقدامها في السلطة، وعدم تدخّلها في ما يجري من مناظرات وجدل بين علماء أهل الريّ أنفسهم، ممّا أتاح للفكر الشيعي أن ينطلق من عقاله وبالحدود المتاحة له في تلك البلاد.
السبب الخامس: كثرة الأفكار المنحرفة المتضاربة في الريّ ؛ نتيجةً لوجود عِدّة فرق منحرفة، وتيّارات فكرية باطلة لا تعبّر عن واقع الدين الحنيف الذي تحدّثت باسمه، كلّ هذا دفع علماء الشيعة الإمامية ومتكلّميهم من الرازيين إلى تحمّل المسؤولية الشرعية، فوقفوا بحزم تجاه تلك الأفكار الدخيلة وتزييفها والبرهنة على عدم صحّتها، وقد مرّ في بعض أسماء كتب الرازيين من الشيعة ما يدلّ على هذا بكلّ وضوح.
السبب السادس: وهو من أهمّ الأسباب وأكثرها قوّة في مسألة انتشار التشيّع في بلاد الريّ ، وهو قوّة الفكر الشيعي في مبتنياته وواقعيّته باعتماده على القرآن الكريم، وما ثبت من السنّة المروية من طريق أهل البيت عليهم السلام ، مع اعتماد الدليل العقلي.
وقد لعب علم الكلام الشيعي دورا عظيما في تزييف ما خالفه من أفكار وبيَّن زيفها؛ خصوصا في مجال نظرية الحكم في الإسلام، ممّا أدّى ذلك إلى تراجع بعض كبار علماء الطرف الآخر عمّا كان يعتقد به والتحق بركب الشيعة.
ولعلّ في ترك المتكلّم المعتزلي محمّد بن عبدالرحمن بن قبّة الرازي عقيدة الاعتزال واعتناقه مذهب أهل البيت عليهم السلام ما يشير إلى دور علم الكلام الشيعي في ذلك بمنطقة الريّ .
السبب السابع: توجُّه بعض علماء الشيعة الكبار من القمّيين إلى الريّ في زمان ولاتها من الشيعة، وقد يكون ذلك باستدعاء من الولاة أنفسهم، أو من وجوه وأعيان علماء الشيعة في الريّ ، كما حصل ذلك للمحدّث الشهير الثقة الجليل أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، الذي استضافته الريّ ، والتقى هناك بأميرها أبي الحسن المادرائي الذي تولّى إدارتها ـ على ما ذكره الحموي ـ (سنة / 275 ه ) ۳۲ .
وكذلك الحال مع سفر العلّامة الفقيه الجليل أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القميّ المعروف بالصدوق الأوّل (ت / 329 ه ) من قم إلى الريّ ، حيث التقى بعلمائها، وأجرى مناظراته العلمية مع أقطاب العامّة، وكان من نتائجها أن صار محمّد بن مقاتل الرازي ـ وهو من كبار علمائهم ـ شيعيّا، وتُعرف هذه المناظرة برسالة (الكرِّ والفرّ)، «وهي رسالة جليلة لطيفة محتوية على تلك المناظرة» ۳۳ .
وأمّا بعد نهاية عصر الكليني فقد بلغ التشيّع ذروته في الريّ ، خصوصا مع سيطرة ركن الدولة البويهي عليها (سنة / 330 ه ) ۳۴ ، واستقدام البويهيون قطب الشيعة وعالمهم إلى الريّ : الشيخ الصدوق.

1.. تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۴۰ ح ۸۳ (۱) باب ۱۲ .

2.. الفهرست للطوسي : ص ۲۷۷ الرقم ۸۷۷ (۵۶).

3.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۴۰۸ ح ۴ باب ۱۵ من كتاب الحج، فروع الكافي : ج ۷ ص ۲۶۲ ح ۱۲ باب ۶۳ من كتاب الحدود.

4.. المصدر السابق : ج ۱ ص ۱۱ ح ۶ من كتاب العقل والجهل .

5.. رجال الشيخ الطوسي : ص ۴۱۱ الرقم ۵۹۵۷ (۳۸) .

6.. إكمال الدين : ج ۲ ص ۵۳۲ ح ۱ باب ۴۸.

7.. الأمالي للصدوق : ص ۶۶۰ ح ۸۹۴ (۵) مجلس ۱۳ .

8.. رجال النجاشي : ص ۶۵ الرقم ۱۵۱ .

9.. فروع الكافي : ج ۶ ص ۵۲۱ ح ۲ باب ۵۸ من كتاب الزي والتجمّل .

10.. رجال النجاشي : ص ۱۲۶ الرقم ۳۲۷ .

11.. عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۲۶۴ ح ۲ باب ۵۹.

12.. تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۲۹۱ ح ۸۰۶ (۱۳) باب ۹۲ .

13.. رجال الشيخ الطوسي : ص ۴۳۰ الرقم ۶۱۷۲ (۱۵).

14.. تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۸۱ ح ۱۵۹ (۲) باب ۳۰.

15.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۱۲۵ ح ۱ باب ۱۹ من كتاب التوحيد، مشيخة الفقيه : ج ۴ ص ۱۶ في الطريق إلى جوابات الإمام الرضا عليه السلام على مسائل محمّد بن سنان في العلل .

16.. المصدر السابق : ج ۱ ص ۴۵۸ ح ۳ باب ۱۱۴ من كتاب الحجّة .

17.. المزار للمفيد : ج ۵ ص ۴ ح ۱ باب فضل الكوفة، رجال الشيخ الطوسي : ص ۴۵۱ الرقم ۶۴۱۲ (۱۳).

18.. مشيخة الفقيه : ج ۴ ص ۹۴ في الطريق إلى داوود الرّقي .

19.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۷۸ ح ۳ باب ۱ من كتاب التوحيد ، و ج ۱ ص ۱۲۵ ح ۱ باب ۱۹ من كتاب التوحيد، فروع الكافي : ج ۶ ص ۳۴۵ ح ۶ باب ۹۷ من كتاب الأطعمة .

20.. تهذيب الأحكام : ج ۴ ص ۱۹۹ ح ۵۷۱ (۷) باب ۵۱، و ج ۶ ص ۳۱ ح ۵۷ (۱) باب ۱۰.

21.. رجال النجاشي : ص ۳۷۵ ـ ۳۷۶ الرقم ۱۰۲۳.

22.. المصدر السابق : ص ۶۵ الرقم ۱۵۱.

23.. المصدر السابق : ص ۱۱ الرقم ۷ في ترجمة أبان بن تغلب.

24.. المصدر السابق : ص ۴۱۳ الرقم ۱۱۰۲.

25.. رجال الكشّي : ص ۵۸۸ الرقم ۱۱۰۱ في ترجمة أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي .

26.. المصدر السابق : ص ۴۳۷ الرقم ۸۲۲ في ترجمة علي بن يقطين.

27.. الأمالي الصدوق : ص ۱۳۵ ح ۱۳۰ (۳) مجلس ۱۸ .

28.. رجال النجاشي : ص ۸۱ ـ ۸۲ الرقم ۱۹۸ في ترجمة أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري.

29.. سرّ السلسلة العلوية : ص ۷۴.

30.. معجم البلدان : ج ۳ ص ۱۲۱ (الري).

31.. المصدر السابق : ج ۳ ص ۱۱۷ (الري) .

32.. ذُكِر هذا في مقدّمة تحقيق كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري : ص ۸ ، تحقيق مؤسّسة الإمام المهدي عليه السلام ، ط۱، قم / ۱۴۱۸ ه ، نقلاً عن المحدّث النوري في كتابه دار السلام .

33.. رياض العلماء : ج ۴ ص ۶ في ترجمة الصدوق الأوّل.

34.. الكامل في التاريخ : ج ۷ ص ۱۶۷ في حوادث (سنة / ۳۳۰ ه ).

  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 289463
صفحه از 532
پرینت  ارسال به