243
حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني

حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
242

الألفاظ المساوقة للعِدّة في الكافي:

وما دمنا في صدد البحث عن مشايخ ثقة الإسلام المعبّر عنهم بلفظ يدلّ على كثرتهم، نحو (عِدّة من أصحابنا) كما تقدّم. فلا بأس بالإشارة السريعة إلى ما قارب هذا اللفظ في الكافي؛ إذ حدّث ثقة الإسلام الكليني رحمه الله، «عن جماعة»، و«جماعة من أصحابنا»، و«بعض أصحابنا»، وهو لا شكّ يريد مجموعة من مشايخه، اختصرهم بهذا اللفظ، وقولنا: (اختصرهم بهذا اللفظ) أي: لكثرتهم، وهو لا يدلّ على تدليس أو نسيان لأسمائهم كما زعمه بعض الجهلاء من المهرّجين.والأحاديث الواردة عن هذا الصنف قليلة في الكافي، ومع هذا فإنّ سبعة منها يمكن إلحاقها بأحاديث الطائفة الاُولى من العِدّة المعلومة، وإن لم يرد في أسانيدها لفظ (العِدّة)، وسنبتدي بها، كالآتي:1 ـ «جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري»، وقد وقع هذا في إسناد ثلاثة أحاديث ۱ .2 ـ «جماعة، عن أحمد بن محمّد» في إسناد واحد ۲ .3 ـ «جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد» في إسنادين ۳ .4 ـ «بعض أصحابنا، عن أحمد بن محمّد» في إسناد واحد ۴ .وهذه الموارد السبعة كلّها من موارد العِدّة المعلومة المتقدّمة في الطائفة الاُولى، كما سنبيّنه بعد قليل.5 ـ «بعض أصحابنا، عن محمّد بن علي» ۵ ، وقد روى ثقة الإسلام بهذا اللفظ عنجماعة آخرين، وهم: محمّد بن حسّان ۶ ، وعبدالعظيم بن عبداللّه الحسني ۷ ، وابن جمهور ۸ ، وعلي بن العبّاس ۹ ، وعلي بن الحسن ۱۰ ، وأبي جرير القمّي ۱۱ ، وعلي بن أسباط ۱۲ ، ومحمّد بن الحسين ۱۳ ، وعلي بن الحسن التيملي ۱۴ ، ومنصور بن العبّاس ۱۵ ، ومحمّد بن عبدالحميد ۱۶ .وأمّا عن وقوع (بعض أصحابنا) في وسط الأسانيد، أو في آخرها من الكافي فلا يعنينا أمره في بحث مشايخ الكليني، لوضوح أنّ المقصود بهذا اللفظ ـ حينئذٍ ـ ليس من مشايخ الكليني، وهو ما نبّهنا عليه أكثر من مرّة، بخلاف ما لو وقع ذلك ابتداءً، سواء كان بلفظ (البعض) أو (الجماعة)، إذ لا شكّ بكون المراد به جماعة من مشايخه.والكلام في تعيين مشايخ الكليني المعبّر عنهم بهذا اللفظ في الموارد الأخيرة غير السبعة المذكورة، هو عين الكلام المتقدّم في كيفيّة تعيّن العِدّة المجهولة.وأمّا ما يقال من أنّ «بعض أصحابنا» يختلف عن «عِدّة من أصحابنا» كما في (بحوث حول روايات الكافي) ص: 176، بزعمهم «أنّ الشيخ الكليني قد يأخذ حديثا عن بعض مشايخه ثمّ ينسى اسمه، ولكن بعد مدّة من الزمن يتبيّن أنّه غير صالح للقراءة، أو غير واضح ومفهوم، أو أنّه يختلط عليه بين شخصين أو أكثر، ففي هذه الأحوال: الأمانة العلمية تقتضي أن يعبّر عن شيخه الذي التبس عليه بـ (بعض أصحابنا) ! » فهو قول سخيف جدّا، فضلاً عمّا فيه من إساءة الأدب مع شيخ المحدّثين ورئيسهم وثقتهم، والهدف منه التهريج ليس إلّا؛ لأنّ أحاديث الكافي مأخوذة ـ كما هو حال أحاديث الفقيه والتهذيبين ـ من الاُصول الأربعمائة وغيرها من الكتب المعتمدة والمصنّفات المشهورة، ويمثِّل مشايخ ثقة الإسلام طرقه إلى تلك المدوّنات، ولا يمكن تصوّر نسيان مثل الكليني أسماء عشرين شيخا أو أكثر من مشايخه، ليُعبِّر عن كلّ واحدٍ منهم بلفظ «بعض أصحابنا».ثمّ أليس من الغباء المفرط أن يُزعَم بأنّ ثقة الإسلام الكليني لم يجوِّد خطّه كما ينبغي، وبالتالي عجزه عن قراءة ما كتبه بيده؟!والصحيح هو أنّ شيخ الحفّاظ والمحدّثين قد ابتدأت طرقه في تلك الموارد بمجموعة من مشايخه، فاختصرهم بهذا اللفظ «بعض أصحابنا»؛ لكثرتهم نظير اختصارهم بـ (عدّة من أصحابنا).ومنه يتّضح أنّ المحذور الذي اصطنعوه بجهلهم، ودفعوه بالنسيان، أو عدم جودة الخطّ ، أو الاختلاط بين شيخين!! قد أوقعوا ثقة الإسلام فيه من حيث لا يشعرون. «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَ هِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَا كَذِبًا»۱۷ .على أنّ كلّ هذا الوهم والهراء الذي لم يقل به إلّا الشذّاذ من أعداء الحقّ وأهله، كان مبنيّا على انحصار دلالة «بعض أصحابنا» على شخصٍ واحد ۱۸ ، ولو راجع الكافي وغيره من كتب الحديث الشيعيّة لوجد ما فيه الكفاية على دلالة اللفظ المذكور على المفرد تارة، كقولهم: «عن بعض أصحابنا، قال»، وعلى الجمع تارة اُخرى، كقولهم: «عن بعض أصحابنا، قالوا»، والحمل على الجمع في هاتيك الموارد أولى.ويؤيّده ما مرّ في المورد الأخير من موارد الطائفة الثانية من عِدد الكافي إذ تبادل اللفظان في رواية ذلك المورد عن محمّد بن عيسى.ويؤيّده أيضا أنّ وقوع عبارة: «عن أحمد بن محمّد» بعد قوله: «بعض أصحابنا» ـ كما مرّ ـ كاف للحكم على وحدة القصد بين «البعض، عن أحمد»، و«العِدّة، عنه» وهي عِدّة معلومة كما سبق بيانه.وكذلك الحال في قوله «جماعة من أصحابنا، أو جماعة» إذ لا فرق بين هذا التعبير وتعبير (عِدّة من أصحابنا)، وقد استخدم الشيخ الطوسي كلا اللفظين للتعبير عن مجموعة محدّدة من مشايخه.فقد قال قدس سره في ترجمة إبراهيم بن هاشم القمّي: «والذي أعرف من كتبه: كتاب النوادر، وكتاب قضايا أمير المؤمنين عليه السلام . أخبرنا جماعة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، وأحمد بن عبدون، والحسين بن عبيد اللّه ...» ۱۹ .وفي ترجمة أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي: «وله كتاب الجامع ، أخبرنا به عِدّة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد ؛ والحسين بن عبيد اللّه ؛ وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» ۲۰ .وفي ترجمة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي: «وصنّف كتباً كثيرةً ـ إلى أن قال ـ: أخبرنا بهذه الكتب كلها وبجميع رواياته عِدّة من أصحابنا، منهم: الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، وأبو عبد اللّه الحسين بن عبيداللّه ، وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» ۲۱ .وبعد أربعة تراجم فقط، ترجم لأحمد بن محمّد بن سيّار، قائلاً: «وصنف كتباً كثيرةً، منها كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ـ إلى أن قال : ـ وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا، منهم: الثلاثة الذين ذكرناهم...» ۲۲ ، ويعني بالثلاثة من تقدّمت أسماؤهم في ترجمة البرقي، وهم: الشيخ المفيد، وابن الغضائري، وابن عبدون، فهناك عبّر عنهم بلفظ: (عدّة من أصاحبنا)، وهنا قال: (جماعة من أصحابنا) مما يعني هذا، أنّه لا فرق عنده بين اللفظين.وفي ترجمة أحمد بن الحسن الإسفراييني : «له كتاب المصابيح في ذكر مانزل من القرآن في أهل البيت عليهم السلام ، وهو كتاب كبير، حسن، كثير الفوائد. أخبرنا به عدَّة من أصحابنا، منهم: أبوعبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد رحمه اللّه ، والحسين بن عبيد اللّه ، وأحمد بن عبدون، وغيرهم...» ۲۳ .وفي ترجمة جعفربن محمّد بن قولويه القمّي: «له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه ـ إلى أن قال: ـ أخبرنا برواياته وفهرست كتبه جماعة من أصحابنا، منهم : الشيخ أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان المفيد، والحسين بن عبيد اللّه ، وأحمد بن عبدون وغيرهم...» ۲۴ .وفي ترجمة عمر بن محمّد بن سالم بن البراء : «وله كتب، أخبرنا بها جماعة من أصحابنا، منهم : الشيخ المفيد رحمه الله، والحسين بن عبيداللّه ، وأحمد بن عبدون، عنه» ۲۵ .ومنه يتبيّن عدم الفرق بين (الجماعة) و(العِدّة) في مصطلح الشيخ، ولا معنى للتفريق بين مصطلحه ومصطلح ثقة الإسلام إلّا الغفلة وعدم التدبّر.

1.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۲۳ ح ۱۵، كتاب العقل والجهل (وهذا الكتاب بدون أبواب)، فروع الكافي : ج ۳ ص ۲۶۶ ح ۸ باب۱، و ج ۳ ص ۳۰۶ ح ۲۶ باب۱۸ كلاهما من كتاب الصلاة.

2.. فروع الكافي : ج ۳ ص ۳۷۰ ح ۱۲ باب ۴۸، و ج ۳ ص ۳۷۱ ح ۲ باب ۴۹، من كتاب الصلاة .

3.. المصدر السابق : ج ۳ ص ۳۷۱ ح ۱۶ باب ۴۸، و ص ۳۸۳ ح ۳ باب ۵۶ ، من كتاب الصلاة .

4.. المصدر السابق : ج ۶ ص ۸۵ ح ۵ باب ۲۴، من كتاب الطلاق .

5.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۳۲۰ ح ۵ باب ۷۳ من كتاب الحجّة .

6.. المصدر السابق : ج ۱ ص ۳۵۸ ح ۱۷ باب ۸۱ من كتاب الحجّة .

7.. المصدر السابق : ج ۱ ص ۳۷۷ ح ۴ باب ۸۷ من كتاب الحجّة .

8.. اُصول الكافي : ج ۱ ص ۴۴۷ ح ۲۴ باب ۱۱۱ من كتاب الحجّة .

9.. المصدر السابق : ج ۲ ص ۳۸ ح ۷ باب ۱۸ من كتاب الإيمان والكفر .

10.. المصدر السابق : ج ۲ ص ۴۰۶ ح ۱۲ باب ۱۷۲ من كتاب الإيمان والكفر .

11.. فروع الكافي : ج ۴ ص ۲۳۶ ح ۱۹ باب ۲۱ من كتاب الحج .

12.. المصدر السابق : ج ۵ ص ۲۷۷ ح ۹ باب ۱۰۳ من كتاب المعيشة.

13.. المصدر السابق : ج ۵ ص ۳۰۳ ح ۱ باب ۱۵۸ من كتاب المعيشة.

14.. المصدر السابق : ج ۶ ص ۹۷ ح ۲ باب ۳۰ من كتاب الطلاق .

15.. المصدر السابق : ج ۶ ص ۲۴۱ ح ۱۷ باب ۱۵ من كتاب الذبائح .

16.. المصدر السابق : ج ۶ ص ۲۴۱ ح ۹ باب ۲۸ من كتاب الأشربة.

17.. سورة الكهف: ۵ .

18.. وربّما قاد إلى هذا الوهم حديث الكافي : ج ۵ ص ۳۳۷ ح ۲ باب ۱۹ من كتاب النكاح.

19.. الفهرست للطوسي : ص ۳۵ ـ ۳۶ الرقم ۶ (۶) .

20.. المصدر السابق : ص ۶۱ الرقم ۶۳ (۱).

21.. المصدر السابق : ص ۶۲ ـ ۶۴ الرقم ۶۵ (۳) .

22.. المصدر السابق : ص ۶۶ ـ ۶۷ الرقم ۷۰ (۷) .

23.. الفهرست للطوسي : ص ۷۲ ـ ۷۳ الرقم ۸۴ (۲۲).

24.. المصدر السابق : ص ۹۱ ـ ۹۲ الرقم ۱۴۱ (۱) .

25.. المصدر السابق : ص ۱۸۵ الرقم ۵۰۵ (۴).

  • نام منبع :
    حياة الشيخ محمد بن يعقوب الكليني
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث با همکاری سازمان اوقاف و امور خیریه
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1387
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 289560
صفحه از 532
پرینت  ارسال به