319
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

والمستكبرين وليس عموم الناس :
«وَ مَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ * وَ قَالُواْ نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَ أَوْلَادًا وَ مَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» . ۱
فالمستكبرون هم الذين كانوا يجرّون الجماهير المستضعفة وراءهم احياناً :
«يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ» . ۲
وفي أحيانٍ اُخرى كانت الجماهير المستضعفة تدافع عن الأنبياء بوجه المستكبرين ، كما نلاحظ ذلك في قصّة قوم صالح :
«قَالَ الْمَلأَُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءَامَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ» . ۳
وقد استطاع الأنبياء في ظلّ دعم هذه الجماهير المستضعفة وحمايتهم ، نشر دين اللّه بين الاُمم .
في ضوء ذلك فإنّ المراد من الاُمم التي دأبت طيلة التاريخ على مجابهة الدين والقادة الدينيّين هم المستكبرون والمتجبّرون .
ثانياً : سبب تشابه الاُمم المستكبرة السابقة في مجابهة الأنبياء هو أنّ خصلة الاستكبار مناهضة للحقّ والعدل اللذَين يُعتبران بمثابة الأساس في دعوة الأنبياء ، وعلى أساس ذلك فهو شيء لا يتنافى مع السمة الفطريّة للدين .
الملاحظة التي تسترعي الاهتمام هي أنّ الأحاديث الشريفة تؤكّد بأنّ ما مرَّ بالاُمم السابقة ، سيمرّ بالاُمّة الإسلاميّة أيضاً :

1.سبأ : ۳۴ و۳۵ و راجع : الأعراف : ۷۶ - ۸۸ .

2.سبأ : ۳۱ .

3.الأعراف : ۷۵ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
318

أمّا أهمّ عوامل رقيّ الاُمم فهي عبارة عن : زعامة الصالحين ، ووحدة الكلمة ، وأهليّة النخبة ، والتمسّك بالقيم الأخلاقيّة والعمليّة .
وأمّا أهمّ عوامل سقوط الاُمم وهلاكها فهي عبارة عمّا يلي : تسلّط غير الصالحين وطاعة الناس العمياء لهم ، وسوء الظنّ بالزعماء الدينيّين والتشكيك في استدلالاتهم البيّنة ، وتكذيب آيات اللّه ، والاستهزاء بالتعاليم الدينيّة ، والكذب على اللّه تعالى ، والتآمر على مدرسة الأنبياء ، ومناهضة دعاة الحقّ ، والظلم ، والإفراط في النزوات والشهوات ، وترك النهي عن المنكر ومحاربة الفساد ، والغفلة عن مخاطر المفاسد ، والمعاصي ، والاختلاف ، وفساد النخبة ، وسوء التدبير ، والانكباب على الدنيا المذمومة ، وتجاهل حقوق المستضعفين ، وشيوع الفساد الثقافيّ والاقتصاديّ .

3 . فلسفة تشابه الاُمم في مجابهة الأنبياء عليهم السلام ۱

من وجهة نظر القرآن الكريم كانت الاُمم السابقة ذات مواقف متشابهة في مجابهة الأديان القويمة ، والقادة الدينييّن ؛ فكانوا يكذّبون الأنبياء ، وينكرون حياة ما بعد الموت ، ويعتبرون أنفسهم مكرهين ومعذورين على اقتراف الرذائل ، وكانوا يفترون على اللّه الكذب .
هنا ، وفي ضوء فطريّة الدين ، يمكن طرح هذا السؤال : إن كان الدين فطريّاً ، فما هي فلسفة تشابه الاُمم في مجابهته؟
وجواب ذلك ما يلي :
أوّلاً : يصرّح القرآن الكريم بأنَّ معارضي الأنبياء كانوا من المترفين

1.راجع : ص ۳۸۲ (الفصل الخامس : ما تشابهت فيه الأُمم) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 125163
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي