لقد قدّم الفقيه والمحدّث الكبير الفيض الكاشانيّ رحمه الله خمسةً وعشرين تعليما في رسالة «زاد السالك» أجاب فيها عن رسالة أحد العلماء ، وقد سأله عن كيفيّة سلوك طريق الحقّ ، حيث قال في التعليم الثامن عشر:
إنّ الانشغال بقدرٍ من الأَذكار والأَوراد في أَوقات معيّنة ، ولا سيّما بعد فريضة الصلاة ، وترويض اللسان على ذكر الحقّ تعالى في أَغلب الأَحيان ما أَمكن ، ولو كانت الجوارح منهمكة بأُمور أُخرى فتلك سعادة نِعِمّا ، وأُثر عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّ لسانه كان مترطّبا بالكلمة الطيّبة المتمثّلة بالتهليل ؛ قول : «لا إله إلّا اللّه » ، وذلك عند أَكله وكلامه ومشيه وما شابهها . ۱ إذ إنّ هذا ممدّ لكلّ سالك وعون قويّ له ، وإذا اقترن الذكر القلبيّ بالذكر اللسانيّ ، فستفتح له الأَبواب وتُقبل عليه البركات خلال مدّة قليلة ، وعليه أن يسعى في ذكر الحقّ دوما وأَبدا ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ؛ لئلّا يغفل عن اللّه سبحانه ، إذ إنّ أَيّ عمل لا يقوم مقام الذكر الدائم في السلوك ، وهذا مدد قويّ في ترك مخالفة الحقّ سبحانه في ارتكاب المعاصي . ۲
2 . أَتمّ مصاديق الذِّكر
الصلاة هي أتمّ مصاديق الذِّكر ، والآية الكريمة «أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى»۳ تشير إلى هذه النقطة الدّقيقة ، وإذا اُقيمت الصلاة بآدابها وشروطها وبخاصّة حضور القلب ، فإنّها في الخطوة الأُولى تُبعد جميع الرذائل والأدناس عن الإنسان ، وتجعله متّصفا بصفة التقوى . وفي الخطوة الثانية ، توصل السالك إلى بساط المعرفة الشهوديّة والقرب