261
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

موضوعها، إلى مسؤولي الحكومة الإسلامية (وخاصّة مديري المؤسّسات الثقافية) وكذلك إلى الأُسر، أنّ السلاح الفعّال الوحيد في الكفاح ضدّ الغزو الثقافي في هذا العصر والحيلولة دون مظاهر الفساد التربوية والاجتماعية ومساعدة الجيل الشاب في البناء الأخلاقي، هو توفير لباس التقوى (أو تشكيل الأُسرة) لهم. بل إنّ البرامج الثقافية لإصلاح الشباب ونموهم وتحرّكهم تكون مؤثّرة فيما إذا كانت إلى جانب إعداد لباس التقوى المذكور ، بل يمكن القول : إنّ السعي من أجل البناء المعنوي للشباب من دون ذلك ، إنّما هو من قبيل الرقم على الماء!

3 . البناء الاجتماعي

إنّ تشكيل الأُسرة، لا يعدّ مهمّاً ومؤثّراً إلى حد كبير في تأمين الطمأنينة النفسية والبناء الأخلاقي للشباب فحسب، بل إنّ له دوراً أساسياً في بناء المجتمع أيضاً، كما نرى في الرواية التالية المنقولة عن الإمام الهادي عليه السلام :
إنَّ اللّهَ ـ جَلَّ وعَزَّ ـ جَعَلَ الصِّهرَ مَألَفَةً لِلقُلوبِ ونِسبَةَ المَنسوبِ ، أوشَجَ بِهِ الأَرحامَ ، وجَعَلَهُ رَأفَةً ورَحمَةً ، إنَّ فى ذلِكَ لَاياتٍ لِلعالَمينَ . ۱
بل إنّ دور تشكيل الأُسرة في ترسيخ المجتمع البشري وإرساء دعائمه يبلغ درجة بحيث إنّ إحدى الروايات عن الإمام الرضا عليه السلام تفيد بأنّ آثاره وبركاته الاجتماعية المختلفة، تكفي لتشجيع الناس وترغيب الأشخاص العقلاء على القيام بهذا العمل الاجتماعي المهمّ، حتّى وإن لم يكن هناك دليل واضح من الكتاب والسنّة على أهمّيته. وهذا هو نصّ الرواية :
لَو لَم يَكُن فِى المُناكَحَةِ وَالمُصاهَرَةِ آيَةٌ مُحكَمَةٌ ، ولا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ ، ولا أثَرٌ مُستَفيضٌ ، لَكانَ فيما جَعَلَ اللّهُ مِن بِرِّ القَريبِ ، و تَقريبِ البَعيدِ ، وتَأليفِ القُلوبِ ،

1.راجع : ص ۲۷۷ ح ۱۶۵۹ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
260

لانقطع النسل ولم يعش النوع . ۱

2 . البناء الأخلاقي

يرى القرآن الكريم أنّ تشكيل الأُسرة بواسطة الشباب والفتاة، يعني في الحقيقة توفير لباس التقوى؛ ذلك لأنّ هذا الكتاب السماوي يطرح التقوى باعتبارها لباس الروح وزينتها وأكثر الألبسة قيمة، إلى جانب لباس الجسم وحليته وزينته، حيث يقول تعالى :
«يَابَنِىءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِى سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ» . ۲«هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ» . ۳
وإذا ما تأمّلنا في هاتين الآيتين إلى جانب بعضهما البعض، فسنرى أنّهما تدلّان دلالة واضحة على أنّ تشكيل الأُسرة هو من أبرز مصاديق لباس التقوى، ولذلك فقد جاء في الحديث النبويّ :
مَن تَزَوَّجَ أحرَزَ نِصفَ دينِهِ . ۴
كما جاء في حديثٍ آخر :
ما مِن شابٍّ تَزَوَّجَ فى حَداثَةِ سِنِّهِ إلّا عَجَّ شَيطانُهُ : «يا وَيلَهُ يا وَيلَهُ ! عَصَمَ مِنّي ثُلُثَي دينِهِ» . فَليَتَّقِ اللّهَ العَبدُ فِى الثُّلُثِ الآخَرِ . ۵
إنّ الرسالة الّتي توجّهها الآيات الّتي سبقت الإشارة إليها والأحاديث الكثيرة في

1.راجع : الميزان في تفسير القرآن: ج ۱۶ ص ۱۶۶.

2.الأعراف : ۲۶ .

3.البقرة : ۱۸۷ .

4.راجع : ص ۲۷۸ ح ۱۶۶۳ .

5.راجع : ص ۲۷۷ ح ۱۶۶۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 169665
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي