خيار ثالث يتمثّل بإخضاع هذه الأحاديث إلى النقد والتقويم . على أنّ المسألة لا تقتصر على هذه الأحاديث وحدَها ، بل ينبغي أن تخضع الأحاديث التي تحظى بأسانيد صحيحة أيضا للدراسة والتمحيص والتقويم ؛ وذلك لما سلفت الإشارة إليه من أنّ محض صحّة السند لا يعدّ دليلاً على قطعية الصدور .
فربّما تفضي بالباحث القدير حصيلته الدراسية في بحثِ حديثٍ صحيح السند وتمحيصه إلى عدم صدور هذا الحديث ، أو أنّه صدر على نحو آخر ، أو أنّ له معنىً غير معناه الظاهر أو الصريح ، كما يصحّ العكس أيضاً ؛ إذ قد يقتنع مثل هذا الباحث بصدور حديث وإن كان ضعيف السند .
كما يمكن أن تكلّل حصيلة الدّراسة والتمحيص والتقويم ، بقطعية الصدور أو بالاطمئنان أو الظنّ بالصدور أو بالعكس .
طرق تمحيص متن الحديث ونقده
سيأتي تفصيل الحديث عن هذه النقطة تحت عنوان مفردة «الحديث» بإذن اللّه تعالى ، لكن لمّا كانت المنهجية المتّبعة في موسوعة معارف الكتاب والسنّة هي اختيار الأحاديث وفقاً لمعيار تمحيص المتن وتقويمه ـ ما خلا بعض المواضع الخاصّة التي نلجأ فيها إلى تمحيص السند ـ فقد بات من الضروري أن نمرّ بإشارات سريعة إلى أبرز المعايير التي نستند إليها في نقد متون الحديث وتمحيصها ، من خلال النقاط التالية :
1 . موافقة أو مخالفة القرآن
يأتي في طليعة معايير قبول الحديث أو ردّه ، مدى موافقته للقرآن الكريم أو معارضته له ؛ إذ من البديهي عدم إمكان صدور ما يعارض القرآن من قِبَل النبيّ