والحقيقة أنّ القرآن الكريم ينهض بوضع الخطوط الأساسية للدِّين ، على حين تتكفّل السنّة الشريفة ببيان جزئياته . من هذه الزاوية لا يمكن للمعرفة الدينية أن تتحقّق بمفهومها الكامل ، إلّا في ظلّ هداية القرآن ونور السنّة ومن خلالهما معاً ، ومن ثَمّ فإنّ الكتاب والسنّة يعيشان التحاماً لا قطيعة فيه في مضمار المناهج العقيدية والعملية للدِّين ، التي تعبّر عن التكوين النهائي للمعارف القرآنية .
على هذا لا يكفي التعاطي مع الحديث الشريف بوصفه الصيغة التي تعلّم اُسلوب تفسير القرآن والطريقة التي تدلّ على كيفية الاستنباط من بحر هذا الكتاب الربّاني الكريم وحسب ، بل له بالإضافة إلى ذلك دور أساسي ينهض به على مستوى تقديم الصياغة الأخيرة لمناهج الإسلام العقيدية والعملية .
المرحلة الرابعة : معرفة حقائق القرآن
تعبّر مرحلة معرفة حقائق الكتب الإلهية النازلة عن أعلى المراتب المعرفية وأسماها على خطّ التعامل مع الكتب الربّانية الكريمة ، وهي ممّا يختصّ بالأنبياء أنفسهم عليهم السلام : «وَالحَقائِقُ لِلأَنبِياءِ» .
وحين ننظر إلى القرآن الكريم الذي يعدّ أهمّ الكتب الربّانية النازلة والمهيمن عليها جميعاً ، نراه يضمّ بالإضافة إلى العبارات والإشارات واللطائف ، الحقائق التي يختصّ بمعرفتها خاتم النبيّين محمّد بن عبد اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد دلّت الأدلّة القطعيّة ۱ أنّ هذه العلوم النبوية انتقلت إلى أهل بيته الكرام ، وهم أوصياؤه والمؤتمنون عليها .
على هذا المعنى تظافرت على إثباته والدلالة عليه أخبار وافرة ، تفيد بأجمعها أنّه لا يرقى إلى مستوى المعرفة الكنهية الشاملة للقرآن الكريم ولا يحيط بعلومه وذراه المعرفية إحاطة كاملة تامّة ، إلّا أهل البيت عليهم السلام . من ذلك :