63
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

كِتابُ اللّهِ تُبصِرونَ بِهِ ، وتَنطِقونَ بِهِ ، وتَسمَعونَ بِهِ ، ويَنطِقُ بَعضُهُ بِبَعضٍ ، ويَشهَدُ بَعضُهُ عَلى بَعضٍ. ۱
وفي رواية أخرى عنه عليه السلام أنه قال :
وَاللّهُ سُبحانَهُ يَقولُ : «مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِن شَىْ ءٍ»۲ وفيهِ تِبيانُ كُلِّ شَيءٍ ۳ ، وذَكَرَ أنَّ الكِتابَ يُصَدِّقُ بَعضُهُ بَعضاً. ۴
بيد أنّ نطق القرآن بعضه ببعض وشهادة بعض آياته على بعضها الآخر مهمّة لا ينهض بها أيّ إنسان كان ، بل هي وظيفة أهل الخبرة والاختصاص ؛ فبمقدور هؤلاء وحدهم أن يحدّدوا أيّ آية تنطق بالآية الاُخرى ، وماذا تقول بهذا النطق ، وإلى ماذا تشير ، وما الآية التي تبتغي تفسيرها ، وما المقصود الذي ترميإلى بيانه ، وهكذا .
إنّ المعرفة القرآنية التي تستند إلى هذا المنهاج هي التي يطلق عليها : «تفسير القرآن بالقرآن» ، وهي لا تحتاج إلى السُّنّة ، لكن ثَمَّ نقطة مهمّة ينبغي الانتباه لها ، مفادها : أنّ الحصيلة المعرفية التي تنجم عن هذه المرحلة من معرفة القرآن لا يمكن التعامل معها بوصفها تعبيراً عن رسالة الدين ومنهاج الإسلام لتكامل الإنسان والحياة ؛ لأنّ التعامل معها بهذه الصفة سيعيدنا إلى النظرية الاُولى ، وستكون حينئذ مصداقاً لمقولة «حسبنا كتاب اللّه » ، ممّا يتعارض مع السنّة النبوية القطعية ، ومع إجماع المسلمين قاطبة .
يتبيّن ممّا مرَّ أنّ المرحلة الثانية من مراحل معرفة القرآن لا تكفي لاستنباط المعارف القرآنية في المجالات المختلفة وعلى صعيد الأبعاد كافّة ، كما سيتّضح ذلك أكثر خلال بيان المرحلة الثالثة .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۳۳ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۲ ح ۲۳ .

2.الأنعام : ۳۸ .

3.إشارة إلى الآية ۸۹ من سورة النحل : «وَ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـبَ تِبْيَـنًا لِّكُلِّ شَىْ ءٍ» .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸ ، الاحتجاج : ج ۱ ص ۶۲۰ ح ۱۴۲ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۲۸۴ ح ۱ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
62

المبين من عمق وما يحظى به من جمال لفظ وحلاوة معنى ، إنّما هو قابل للفهم من قبل القاعدة العريضة التي لها دراية باللغة وحسب .

المرحلة الثانية : معرفة إشارات القرآن

إنّ المرحلة الثانية من مراحل المعرفة القرآنية تتمثّل بمعرفة ما ينطوي عليه هذا الكتاب الربّاني من إشارات لا تتيسّر لعامّة الناس ، بل تحتاج إلى التخصّص ، ومن ثَمَّ فإنّ الخواصّ وحدهم هم القادرون على النفوذ إلى هذه الدائرة المعرفية .
يشير الإمام عليّ عليه السلام ، إلى هذه المرحلة بقوله : «وَالإِشارَةُ لِلخَواصِّ» .
توضيح ذلك : إنّه ليس هناك تعارض بين نوريّة القرآن وكونه بياناً وبين علميّته وما يتوفّر عليه من عمق . وبناء على ما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله فإنه يشير إلى عمق معارف هذا الكتاب الإلهي المبين ، بقوله :
لَهُ ظَهرٌ وبَطنٌ ، فَظاهِرُهُ حُكمٌ وباطِنُهُ عِلمٌ ، ظاهِرُهُ أنيقٌ وباطِنُهُ عَميقٌ ، لَهُ نُجومٌ وعَلى نُجومِهِ نُجومٌ ۱ ، لا تُحصى عَجائِبُهُ ، ولا تُبلى غَرائِبُهُ. ۲
في الحقيقة أنّ إشارات القرآن هي السبيل إلى بلوغ معظم معارفه ، ومن ثَمَّ فإنّ القرآن الكريم هو بنفسه مبيّن نفسه ، ينهض بعضه ببيان بعضه الآخر ، كما يومِئ إلى ذلك ما روي عن الإمام عليّ عليه السلام ، حيث قال :

1.قال العلّامة المجلسي رحمه الله : «لعلّ المراد «له نجوم» : أي آيات تدلّ على أحكام اللّه تهتدى بها ، وفيه آيات تدلّ على هذه الآيات وتوضحها . أو المراد بالنجوم الثالث السنّة ؛ فإنّ السنّة توضّح القرآن ، أو الأئمّة عليهم السلام العالِمون بالقرآن ، أو المعجزات ؛ فإنّها تدلّ على حقيقة الآيات» (مرآة العقول : ج ۱۲ ص ۴۷۹) .

2.الكافي : ج ۲ ص ۵۹۹ ح ۲ عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام ، تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۳ ح ۱ عن محمّد بن مسعود عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه و آله ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۱۷ ح ۱۶ ؛ كنزالعمّال : ج ۲ ص ۲۸۹ ح ۴۰۲۷ نقلاً عن العسكري عن الإمام عليّ عليه السلام عنه صلى الله عليه و آله نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 281610
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي