61
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

بالمعرفة الإجمالية ، وتدفع المسلمين كافّة لاستمداد معارفه الوضّاءة في المجالات العقيدية والأخلاقية والتاريخية والعملية ، كما نلمس ذلك واضحاً في النصّ المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام :
اِعلَموا أنَّهُ لَيسَ عَلى أحَدٍ بَعدَ القُرآنِ مِن فاقَةٍ ، ولا لِأَحَدٍ قَبلَ القُرآنِ مِن غِنىً ؛ فَاستَشفوهُ مِن أدوائِكُم ، وَاستَعينوا بِهِ عَلى لَأوائِكُم ۱ ؛ فَإِنَّ فيهِ شِفاءً مِن أكبَرِ الدّاءِ ؛ وهُوَ الكُفرُ وَالنِّفاقُ ، وَالغَيُّ وَالضَّلالُ ؛ فَاسأَلُوا اللّهَ بِهِ ، وتَوَجَّهوا إلَيهِ بِحُبِّهِ ، ولا تَسأَلوا بِهِ خَلقَهُ... وَاستَدِلّوهُ عَلى رَبِّكُم ، وَاستَنصِحوهُ عَلى أنفُسِكُم ، وَاتَّهِموا عَلَيهِ آراءَكُم ، وَاستَغِشّوا فيهِ أهواءَكُم. ۲
من البديهي أنّ المخاطب بكلام الإمام هذا هو الاُمّة الإسلامية بأجمعها ، ولا يقصد الإمام أن تتخصّص الاُمّة بأكملها بعلم التفسير لكي تستفيد من عطاء القرآن وأنواره ، وإنّما هدفه أن يدعو الاُمّة إلى الالتحام بكتاب اللّه واستيحاء معارفه على مستوى المعرفة الإجمالية ، بالقدر الذي يتناسب مع استعدادها الإدراكي ويتواءم مع قدرتها على الفهم .
على المدلول ذاته تلتقي جميع الآيات والروايات التي تحثّ الناس على تدبّر القرآن ، وتدعوهم للانتفاع من تعاليمه الكريمة ، والانغمار بأنواره ؛ إذ هي تعني أنّ القرآن قابل للفهم من قبل هؤلاء الناس ، كما هو الحال في الآية الكريمة :
«كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ » . ۳
إضافة إلى هذا ، فقد سلفت الإشارة إلى أنّ إعجاز القرآن ـ الذي ما لبث هذا الكتاب الإلهي يتحدّى به الآخرين ـ إنّما يدلّ على أنّ ما ينطوي عليه هذا الكتاب

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۴ ح ۲۴ .

2.اللأْواء : المشقّة والشدّة (لسان العرب : ج ۱۵ ص ۲۳۸ «لأي») .

3.ص : ۲۹ وراجع : النساء : ۸۲ والمؤمنون : ۶۸ ومحمّد : ۲۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
60

3 . معرفة لطائف القرآن .
4 . معرفة حقائق القرآن .
روي عن الإمام عليّ عليه السلام في بيان هذه المراحل المعرفية الأربع للقرآن ، أنّه قال :
كِتابُ اللّهِ عَلى أربَعَةِ أشياءَ : عَلَى العِبارَةِ ، وَالإِشارَةِ ، وَاللَّطائِفِ ، وَالحَقائِقِ ؛ فَالعِبارَةُ لِلعَوامِّ ، وَالإِشارَةُ لِلخَواصِّ ، وَاللَّطائِفُ لِلأَولِياءِ ، وَالحَقائِقُ لِلأَنبِياءِ. ۱
وفيما يلي نقدّم إشارات إيضاحية عن كلّ واحدة من هذه المراتب :

المرحلة الاُولى : المعرفة الإجماليّة

المرحلة الاُولى من مراحل المعرفة القرآنية تتمثّل بالمعرفة الإجمالية بمعارف هذا الكتاب الإلهي المنقذ ؛ وهذه المرحلة ممكنة لكلّ من له معرفة بآداب اللغة العربية ، على ما دلّت عليه الرواية ذاتها من القول : «فَالعِبارَةُ لِلعَوامِّ» .
معنى ذلك : أنّ كلّ من له دراية باللغة العربية على النحو الذي تؤهّله لفهم عبارات القرآن ونصوصه ، فله حظّ من إشعاعات هذا الكتاب المبين وأنواره ، يتناسب مع قدراته الإدراكية تلك ، على ما روي عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام :
ما جالَسَ هذَا القُرآنَ أحَدٌ إلّا قامَ عَنهُ بِزِيادَةٍ أو نُقصانٍ : زِيادَةٍ في هُدىً ، أو نُقصانٍ في عَمىً . ۲
الحقيقة أنّ كلّ الروايات التي تحثّ الناس على تعلّم القرآن وتدعوهم للانتفاع به ، إنّما تركّز على وجوب المرحلة الاُولى من مراحل معرفة القرآن المتمثّلة

1.عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۵ ح ۱۵۵ ، جامع الأخبار : ص ۱۱۶ ح ۲۱۱ عن الإمام الحسين عليه السلام ، الدرّة الباهرة : ص ۳۱ ، نزهة الناظر : ص ۱۷۲ ح ۳۵۷ ، أعلام الدين : ص ۳۰۳ والثلاثة الأخيرة عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۱۰۳ ح ۸۱ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۴ ح ۲۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 281624
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي