59
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

الصحابة وتلامذتهم من التابعين حتّى إلى بيان النبيّ صلى الله عليه و آله ؛ فإنّ ما بيّنه إمّا أن يكون معنى يوافق ظاهر الكلام فهو ممّا يؤدّي إليه اللفظ ولو بعد التدبّر والتأمّل والبحث ، وإمّا أن يكون معنى لا يوافق الظاهر ولا أنّ الكلام يؤدّي إليه ، فهو ممّا لا يلائم التحدّي ولا تتمّ به الحجّة ، وهو ظاهر .
نعم ، تفاصيل الأحكام ممّا لا سبيل إلى تلقّيه من غير بيان النبيّ صلى الله عليه و آله كما أرجعها القرآن إليه في قوله تعالى : «وَ مَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُواْ»۱ وما في معناه من الآيات ، وكذا تفاصيل القصص والمعاد مثلاً.
ومن هنا يظهر أنّ شأن النبيّ صلى الله عليه و آله في هذا المقام هو التعليم فحسب ، والتعليم إنّما هو هداية المعلّم الخبير ذهن المتعلّم وإرشاده إلى ما يصعب عليه العلم به والحصول عليه ، لا ما يمتنع فهمه من غير تعليم. ۲

النظرية الرابعة : التفصيل بين مراتب المعرفة الدينية

يبدو أنّ عملية التوفّر على بيان دقيق للعلاقة المتبادلة بين القرآن والحديث ، وبالتبع لذلك معرفة دور السنّة في تفسير القرآن وفهم المعارف الدينية ؛ يبدو أنّ هذه العملية تتطلّب بالضرورة التفصيل بين مراتب معرفة القرآن وفهم معارفه .

مراتب معرفة القرآن

على نحو عامّ يمكن وضع مراتب فهم معارف القرآن الكريم في إطار هيكل يتأ لّف من أربع مراحل ، هي :
1 . المعرفة الإجمالية .
2 . معرفة إشارات القرآن .

1.الحشر : ۷.

2.الميزان في تفسير القرآن : ج ۳ ص ۸۴ ـ ۸۵ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
58

حين أفضت النظرية الثانية إلى تكريس مهجورية القرآن أكثر فأكثر .
بعد أن يلقي العلّامة الطباطبائي في تفسيره القيّم الميزان نظرة ملأى بالحزن والأسى إلى الماضي ، يكتب مقيّماً ما انتهى إليه ذلك الواقع المؤسف ، قائلاً :
ولعلّ المتراءى من أمر الاُمّة لغيرهم من الباحثين كما ذكره بعضهم : أنّ أهل السنّة أخذوا بالكتاب وتركوا العترة ، فآل ذلك إلى ترك الكتاب لقول النبيّ صلى الله عليه و آله : «إنّهما لن يفترقا» وأنّ الشيعة أخذوا بالعترة وتركوا الكتاب ، فآل ذلك منهم إلى ترك العترة لقوله صلى الله عليه و آله «إنّهما لن يفترقا» فقد تركت الاُمّة القرآن والعترة (الكتاب والسنّة) معاً . ۱
يطلّ العلّامة الطباطبائي على المشهد انطلاقاً من عرض نظرية ثالثة إزاء النظريّتين السابقتين ، تتمثّل في أنّ معرفة القرآن ليست بحاجة إلى السنّة ، ما خلا بعض الموارد الخاصّة من قبيل تفصيلات الأحكام والقصص والمعاد ، ففهم القرآن إنّما يكون ممكناً بالاستمداد من القرآن نفسه والاستعانة به ، ومن ثَمَّ فقد تمثّلت مهمّة النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته الكرام في هذا المضمار ، بإرشادنا إلى هذا الطريق ودلالتنا على هذا المنهاج التعليمي ، انطلاقاً من موقعهم كمعلّمين للقرآن ، يكتب العلّامة مدلّلاً على هذه المعاني :
إنّ الآيات التي تدعو الناس عامّة من كافر أو مؤمن ممّن شاهد عصر النزول أو غاب عنه إلى تعقّل القرآن وتأمّله والتدبّر فيه ، وخاصّة قوله تعالى : «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا»۲ ، تدلّ دلالة واضحة على أنّ المعارف القرآنية يمكن أن ينالها الباحث بالتدبّر والبحث ، ويرتفع به ما يتراءى من الاختلاف بين الآيات ، والآية في مقام التحدّي ، ولا معنى لإرجاع فهم معاني الآيات ـ والمقام هذا المقام ـ إلى فهم

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۵ ص ۲۷۶ .

2.النساء : ۸۲.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 281634
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي