341
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

إنّ بناء مجتمع بهذه الخصوصيّة سهل ميسور في الكلام ، بيدَ أنّ تحقّقه عمليّاً يعبّر عن مهمّة عسيرة تكتنفها الصعاب والمشاقّ ، ما ثمّة إلّا طريق واحد لتحقيق هذه الفلسفة والاعتلاء بهذا الهدف إلى مستوى التطبيق العملي ، يتمثّل بالإخلاص في المحبّة والإخاء في اللّه .
إنّ سرّ كلّ هذا التأكيد الذي تبديه الأحاديث الإسلامية للإخاء في اللّه والمحبّة في اللّه ، يكمن في أنّ وحدة كلمة الاُمّة الإسلامية وانسجامها وتوافقها الذي يعدّ هدفاً لتشريع قانون الإخاء ، لا يمكن بلوغه إلّا عن هذا الطريق .

5 . دور الإخاء الديني في تأسيس الحكومة الإسلامية

تكشف النصوص التي يستوعبها هذا القسم ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله بادر للمؤاخاة بين أصحابه وأنصاره مرّتَين ؛ مرّة في مكّة قبل الهجرة ، والثانية في المدينة بعد الهجرة ، حيث اتّخذ من المؤاخاة وسيلة لترسيخ الانسجام بين أتباعه .
لقد كان لهذه المبادرة السياسية الإلهية دورها الأساسي العميق في تأسيس أوّل حكومة إسلامية ، خاصّة بعد هجرة المسلمين إلى المدينة ، فقد تجاوبت هذه المبادرة مع التحدّيات التي كانت تحيط بالمجتمع الإسلامي ؛ هذا المجتمع الذي كان يواجه من جهة خطر الشرك القرشي وعبدة الأصنام عامّة ، كما كان يتهدّده من جهة اُخرى خطر يهود المدينة ممّن يعيش في داخلها وخارجها ، بخاصّة مع ما كان يتمتّع به هؤلاء من ثروة وإمكانات كبيرة ، ثمّ كانت هناك التحديات الناشئة عن الداخل الإسلامي نفسه ، فيما كان يعانيه المجتمع الإسلامي الجديد من فرقة وتفكّك وتقاطع ، خذ على سبيل المثال حالة العداء والضغينة التي كانت تضرب بأطنابها بين قبيلتي الأوس والخزرج ، فضلاً عن الاختلافات الثقافية والفكرية التي ترمي بظلالها على البناء الاجتماعي للمهاجرين والأنصار .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
340

الحُبُّ في اللّهِ فَريضَةٌ . ۱
ثمّ الأسمى من ذلك ، قوله صلى الله عليه و آله :
أوثَقُ عُرَى الإِيمانِ الحُبُّ فِي اللّهِ وَ البُغضُ فِي اللّهِ . ۲
ثمّ الأسمى من ذلك ، قوله صلى الله عليه و آله :
هَلِ الدّينُ إلَا الحُبُّ وَالبُغضُ ؟! ۳
لقد بلغ من تأكيد الإسلام حبّ المسلمين وإخائهم بعضهم بعضاً ، حدّاً جعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، يقول :
مَن أحَبَّ رَجُلاً في اللّهِ ؛ لِعَدلٍ ظَهَرَ مِنهُ ـ وهُوَ في عِلمِ اللّهِ مِن أهلِ النّارِ ـ آجَرَهُ اللّهُ عَلى حُبِّهِ إيّاهُ كَما لَو أحَبَّ رَجُلاً مِن أهلِ الجَنَّةِ! ۴

4 . فلسفة قانون الإخاء الديني

في الحقيقة تتجلّى فلسفة تشريع قانون الإخاء الديني والتركيز على محبّة المسلمين بعضهم بعضاً ، في بناء مجتمع تبلغ فيه آصرة الحبّ والاُخوّة قدراً من الرسوخ والثبات ، بحيث يشعر فيه أبناء المجتمع أنّهم أعضاء جسد واحد ، حتّى إذا ما اشتكى منه عضو وألمَّ به الوجع والأذى تداعت له بقية الأعضاء ، وبادرت للسهر في خدمته ومؤاساته وعلاجه ، على ما جاء عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
يَنبَغي لِلمُؤمِنينَ أن يَكونوا فيما بَينَهُم كَمَنزِلَةِ رَجُلٍ واحِدٍ ، إذَا اشتَكى عُضوٌ مِن جَسَدِهِ تَداعى سائِرُ جَسَدِهِ. ۵

1.راجع : ص ۳۵۷ ح ۵۸۰.

2.راجع : ص ۳۶۰ ح ۵۹۳.

3.راجع : ص ۳۵۷ ح ۵۸۵.

4.راجع : ص ۳۶۳ ح ۶۰۸.

5.راجع : ص ۳۵۱ ح ۵۵۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 281628
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي