والمحتوى ، كما تُنَبِّه إلى جذوره واُصوله الكائنة في القرآن ، أو في تعاليم بقيّة الأنبياء ، أو في الإسرائيليّات ، مضافاً إلى بيان موقعه من العقل والعلم بالكشف عن مدى توافقه أو تعارضه معهما .
وهذه ـ بلا ريب ـ مهمّة عظيمة وخدمة جليلة تُسدى إلى الحديث والقرآن ، وهي إلى ذلك تعدّ رصيداً ثقافياً ضخماً من أجل معرفة الإسلام وتعريفه إلى البشرية ، ممّا نرجو أن توفّق لإنجازه مؤسّسة «دار الحديث» في المستقبل إن شاء اللّه .
خامساً : الدوافع لتأسيس «دارالحديث» وخصائص موسوعة معارف الكتاب والسنّة
منذ السنوات الاُولى لدخولي مضمار العلوم الدينية كانت كلمات النبيّ الأقدس وأهل بيته الكرام تشدّني إلى مَداها ، وتملأ وجداني وتأسرني بجاذبية خاصّة ، وقد بلغ من انشدادي إلى تعاليمهم الوضّاءة ـ وأنا أعيش حلاوتها وأنغمر في أجوائها العبقة وأتلمّس هديها في المجالات العقيدية والأخلاقية والمعنوية ـ أنّني قلّما كنت اُحسّ بالتعب خلال مطالعتها والانكباب عليها .
منذ تلك الأيّام الخوالي كان يساورني إحساس بغربة تلك الأحاديث والنصوص الإسلامية الكريمة ، وأنّها لم تأخذ بعدُ موقعَها الجدير بها ليس على صعيد عامّة الناس ، بل يحتمل أنها لم تأخذ موقعها على مستوى الخواصّ وأوساط الحوزات العلمية أيضاً ، على الرغم من أنّ الحديث الشريف هو أفضل وسيلة لتبليغ الدين وتعريف الناس بالإسلام الأصيل . لقد روى عبد السلام الهروي عن الإمام الرضا عليه السلام ، قوله :
رَحِمَ اللّهُ عَبداً أحيا أمرَنا ، فَقُلتُ لَهُ : فَكَيفَ يُحيي أمرَكُم؟ قالَ : يَتَعَلَّمُ عُلومَنا ويُعَلِّمُهَا النّاسَ ؛ فَإِنَّ النّاسَ لَو عَلِموا مَحاسِنَ كَلامِنا لَاتَّبَعونا. ۱
أجل ، لقد التقى الإحساس الذي راح يغمر وجودي بجاذبية حديث أهل البيت